الأربعاء، 15 ديسمبر 2010

أبيي .. هل تنجح صفقة الأرض مقابل السلطة

أبيي .. هل تنجح صفقة الأرض مقابل السلطة

تقرير: التقي محمد عثمان
عزم المجتمع الدولي على تقديم مقترحه الأخير بشأن ابيي، لعله يجنب الشمال والجنوب المزالق، ويبعدهما عن المهالك التي تحدق بهما من اكثر من اتجاه، وتلخص المقترح الجديد الذي صاغه الوسيط الأفريقي ثابو مبيكي وتولى تسويقه المبعوث الامريكي اسكوت غرايشن بضم ابيي للجنوب مع تمثيل قبيلة المسيرية بنسبة الثلث في إدارة المنطقة، وتخصيص محلية في الجزء الشمالي لابيي ومنح المسيرية ثلثي مقاعد السلطة فيها، وتأكد أن واشنطن ستجري خلال الفترة المقبلة اتصالات ولقاءات ماكوكية لاقناع الطرفين بالمقترح لحسم قضية ابيي قبل انطلاق عملية الاقتراع على استفتاء الجنوب في 9 يناير المقبل.
ويأتي هذا المقترح في اعقاب مقترحات أخرى، كان ابرزها المقترحان اللذان عرفا بالسلام مقابل الارض والسلام مقابل العلف، ليتخذ المقترح الجديد شكل السلام مقابل السلطة، فهل تراه سينجح في سوق الطرفين الى تسوية للقضية المعلقة بمشاجب من نار.
ابتداء نشير الى ان الدافع الأول لتقديم هذا المقترح باصرار واضح على انفاذه ان واشنطن وصلت لقناعة بأن تقسيم ابيي إلى جزأين أمر صعب، وأيضا ضمها للجنوب من دون استفتاء يشارك فيه المسيرية أمر مستحيل، فالموقف الامريكي الجديد كما عبر عنه غرايشن لا يسعى الى ارضاء أي طرف كما انه لن يدع الأمور كما هي عليه، أو كما قال المبعوث الرئاسي الأميركي في لقاء صحفي في الأول من امس (الحل السياسي المرتقب ليس موقفا يفرح به أي من الجانبين... الذي نسعى إليه هو حل سيغضب الجانبين معا لكنه لن يجعل أيا منهما يفقد عقله)، وتنظر امريكا الى المسألة من زاوية انه لم يعد هناك وقت لشراء الوقت دعك من محاولات تحقيق مكاسب في اللحظة الأخيرة، وقال غرايشن بوضوح أن السودان لم يعد لديه وقت لتنظيم الاستفتاء بشأن مستقبل أبيي بما يعني أن الشمال والجنوب يجب أن يتفقا على حل سياسي للنزاع، مشددا على ان أن الولايات المتحدة وآخرين يعملون بجد للحيلولة دون وقوع أعمال عنف بسبب أبيي.
وبحسب مراقبين فان المقترح الذي دفعت به الإدارة الأميركية ضمن مقترحات الوسيط الافريقي يمثل خطوة للامام تجاه المسيرية الذين هضمت حقوقهم في كل الجولات الحوارية والتفاوضية السابقة ، فالمقترح يضم ابيي للجنوب ويضمن مشاركة المسيرية في السلطة، مشيرين هنا الى ان امريكا كانت تعرض إجراءات مالية للشمال لتخفيف وطأة الانفصال إذا وافق على السماح بضم منطقة أبيي المنتجة للنفط بموجب مرسوم رئاسي، وكان العرض بالنسبة لحكومة الشمال يقوم على تعويض الشمال بإجراءات مالية قد تكون في شكل قرض من دون فائدة للشمال لتغطية نصف الخسائر التي ستنجم عن فقد إيرادات النفط، وبالنسبة للمسيرية وعدت امريكا بتخضير المنطقة شمال أبيي بشكل مستدام مقابل تنازل المسيرية عن حقهم في التصويت في الاستفتاء وايضا انشاء صندوق للتنمية من إيرادات أبيي النفطية لقبيلة المسيرية لتغطية حاجة الرعي.
وايضا يعتبر المقترح الجديد متقدما على الذي كان طرحه الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم، وأشار فيه إلى أن الحركة عرضت على المؤتمر الوطني صفقة بضم أبيي للجنوب مقابل الأمن وتسوية القضايا العالقة، ورفضه المسيرية بقولهم على لسان عضو وفدههم المفاوض المحامي محمد عبد الله آدم إن (أبيي خط أحمر لا تنازل عنه) ورفضه المؤتمر الوطني على لسان مسؤول ملف أبيي بالمؤتمر الوطني الدرديري محمد أحمد (نرفض صفقة الأرض مقابل السلام التي يقترحها باقان أموم مثلما رفضنا بالأمس صفقة الأرض مقابل العلف التي اقترحتها الوساطة الأميركية).
وبرغم سيادة تفاؤل كبير بإمكانية احداث اختراق كبير عبر هذا المقترح ومن ثم التوصل لاتفاق يحل الأزمة، ومع اقتناع الجميع باستحالة اجراء استفتاء ابيي وانه ينبغي ان تعلن التسوية قبل استفتاء الجنوب في التاسع من يناير، الا ان الأمور على الأرض لا تجري وفقا للتمنيات الطيبة أو على تفاؤل المتفائلين، إذ أعلن الطرفان المعنيان رفضهما للمقترح الجديد ولكل مبرراته المختلفة عن الآخر، فبينما يقول مقرر وفد قبيلة المسيرية للتفاوض محمد عبد الله ود ابوك ان المقترح الامريكي قديم، ويؤكد في حديثه لـ الصحافة أمس انه غير مقبول البتة لأنه يجافي الحقيقة ويعزل اصحاب الحق من أرضهم ويقول ود ابوط أن طرح هذا المقترح من قبل عجّل بفشل مفاوضات اديس ابابا، وقال انهم يرفضون هذا المقترح جملة وتفصيلا، وأن كل ما لديهم مطلبان، الأول ان تظل ابيي ضمن الشمال كما كانت طوال تاريخها مع المحافظة على صيغة التعايش الموروثة بينهم وبين الدينكا نقوك، والثاني ان يجري الاستفتاء على مصير المنطقة بمشاركة قبيلة المسيرية وان لا يقصر التصويت على الدينكا نقوك، مشددا على ان أي محاولة لضم ابيي للجنوب وبأي صيغة أمر مرفوض مرفوض.
من الجهة الثانية يصف رئيس المجلس التشريعي بادارية ابيي شارلس ابيي المقترح الجديد بغير الموضوعي ويتساءل عن المنطق في إعطاء رقعة أرض تتبع لجهة ما ان تحكم من جهة أخرى، ويقول في حديثه لـ الصحافة عبر الهاتف أمس، كيف يستقيم ان تكون لديك بقعة ادارية وتعطي ادارتها لآخرين، مشبها المقترح بتخصيص قطعة يحكمها جنوبيون بعد الانفصال وهي تقع ضمن ولاية كسلا، ويقول ( لا يتوافق هذا مع أي منطق قانوني ولا يوجد نموذج مثل هذا في أي مكان في العالم)، ويتساءل ابيي عن استمرارية هذا الطرح اذا انفصل الجنوب وتغير دستوره وقوانينه، فبأي قانون ولأي دستور ستخضع الرقعة المخصصة للمسيرية من أرض الجنوب، وكيف ستوفر لها الضمانات، ويمضي لاعلان موقف الدينكا نقوك ويقول (موقفنا هو تنفيذ بروتكول ابيي في اتفاقية السلام الشامل واذا استحال هذا تعود ابيي لوضعها كما ورد في حكم محكمة لاهاي الذي ينص على ا ن ابيي هي أرض مشيخات دينكا نقوك التسع، وادارة ابيي وحكمها وقفا على هذه المشيخات التسع).
أخيرا، فان ما يجب لفت الانتباه له، في المقترح الجديد ان الولايات المتحدة تركز ضغوطها هذه المرة على الحركة الشعبية بشكل اكبر مما تفعل مع المؤتمر الوطني، وما رشح بحسب مصادر تحدثت لـ الصحافة ان المؤتمر الوطني ابدى مرونة في امكانية قبول المقترح واقناع المسيرية به، وما ذاع حتى الآن داخل الكواليس الأمريكية أن واشنطن حاولت التأثير على المتعاطفين مع الحركة الشعبية في البيت الأبيض والكونغرس، وأشارت مصادر إلى أن من ضمن الضغوط التي ستمارسها واشنطن على الحركة الشعبية محاولة عزل قضية أبيي عن استفتاء الجنوب وبث تهديدات حول الاعتراف بنتائج الاستفتاء إلى جانب ممارسة ضغوط فيما يتعلق بالمساعدات الامريكية للجنوب، إضافة إلى تقديم الحركة الشعبية إلى المجتمع الدولي على انها غير مرنة.

الثلاثاء، 14 ديسمبر 2010

فتاة الفيديو .. ما بعد الحدث والحديث ..!!
تقرير: التقي محمد عثمان
شريط فيديو مدته دقيقتان وثلاث ثوانٍ، خلّف وراءه جراحا بالغة الغور في نفس كل من رآه، فتاة ترتدي عباءة سوداء تقعي وتزحف وتتلوى وتستغيث وتهرب من لسعات سياط تشعل كل موضع تقع عليه في جسدها، يقوم بذلك جلادان لا يصغيان الى صوتها وهي تنادي أمها بوحيح ونحيب (حي يا أمي)، يسدر الجلادان في فعلهما قدما، فكلما مالت من أحدهما مستعصمة باتجاه، فأجاها الآخر من الاتجاه الملاذ باللهب، وكان الأقسى عليها وعلى المشاهدين من بعد، ان كانت هناك موسيقى بشعة تصاحب المهزلة، ضحكات ترتفع من ولولتها، بلا رحمة، وأصوات تلعنها وتطالبها بالثبات، بلا قلب، ولكن ما حدث ان انقلبت الضحكات الى حسرات والأصوات اللاعنة الى رجاءات، فالخبر ذاع وعم الالياف الالكترونية التي طافت به الدنيا وصار الناس الى مناقشة القضية بكل ابعادها:

المتهمون
انتقل الاتهام من الفتاة بطلة الشريط الى آخرين، فهي قد أخذت آلامها وتضرعاتها ورحلت، فصار المتهمون في الحادثة القاضي والشرطة والقانون والمشرّع ونظام الحكم.
ولما كانت كل الخطوط متداخلة، فاننا سنتعاطى معها بذات التداخل، ونبدأ من القاضي الذي حكم بموجب قانون النظام العام لعام 1991م، اذ الراجح ان جرم الفتاة يقع تحت طائلة هذا القانون، فسبب الجلد في الغالب هو" الزي الفاضح" أو ارتداء البنطلون وفقا لمنطوق المادة (152) من القانون الجنائي لسنة 1991 لأنّ عدد الجلدات بلغت "50" سوطا، وهي تقع ضمن عقوبة هذه المادة، ولم يفعل القاضي أكثر من النطق بالحكم، الا ان التجاوز الذي وقع فيه حسبما يشير فقهاء القانون يتجلى في عدم متابعته لتنفيذ الحكم مما أوقع القائمين في مخالفات خطيرة، جعلت الفتاة نفسها ترفع دعوى ضد القاضي ترتب عليها تشكيل لجنة تحقيق ونقله إلى الفاشر، كما تواتر من انباء بعد تفجر القضية، والمعروف ان طريقة جلد النساء هي ان تجلد المرأة جالسة مشدودة يداها لكي لا تنكشف، ويجب أن يكون على جسدها ثيابها المعتادة التي تسترها، وأن تجلد داخل السجن ولا يجوز جلدها في مكان عام، وللجلد مواضعه التي لا يترتب عليها ضرر أو هلاك وهي، الظهر والكتفين والإليتين والفخذين، ويتقى في الجلد وجه المجلود ورأسه وما يخشى فيه هلاكه، وهذه الشروط الشرعية هي مما لم يتوفر عند جلد الفتاة اما بسبب غياب القاضي أو جهل العسكري.
ومما يجعل خطأ القاضي خطأ مركبا ان تهمة الافعال الفاضحة من النصوص المبهمة بقانون النظام العام، كما يقول قانونيون حيث تصدر الاحكام فيها وفق أقوال شرطة النظام العام فقط وبدون شهود أوحضور محامي المتهمين ودائما ما تكون احكام هذه المحاكم فورية، ويكفي في تهمة الافعال الفاضحة اقوال شرطي واحد بإعتباره الشاكي والشاهد ، فالفيصل في التهمة تقدير ورؤية احد افراد الشرطة، وما يثير حفيظة أهل القانون حين ترافعهم في قضايا تحت طائلة قانون النظام العام ان السلطة المطلقة فيه للعساكر من واقع تقديراتهم الميدانية ثم للقضاة.
ومن وجهة نظر الصحفية لبنى أحمد حسين التي كانت خاضت معركة ضد قانون النظام العام بعد تجربة قاسية أوقعها فيها حظها ان العيب ليس فى القانون الجنائى لسنة 1991م وحده، انما في الاسوأ منه قانون الاجراءات الجنائية الذى يخوّل للقاضى سلطة المحاكمة الايجازية – فى اى جريمة عدا الاعدام، والتى تطلب فقط ” سماع ” الشهود دون حاجة لتدوين اقوالهم وحتى الشاكى والمتهم يدوّن ملخص لاقوالهم فقط ، تصدر هذه المحاكم الايجازية الاوامر النهائية فى الحكم (و لا تطلب تدوين البينة ولا تحرير التهمة ).
الشرطة في الميدان
الضلع الثاني، الشرطة، سعت الى تبرئة ساحتها، وبحسب ما نشر بالأمس فان هيئة قيادة الشرطة برئاسة الفريق العادل العاجب المدير العام بالإنابة شرعت في التحرك منذ أن تم تناول موضوع الفتاه عبر موقع اليوتيوب ووسائل الاعلام وتمت الدعوة لاجتماع عاجل للهيئة تمت فية مناقشة الأمر و التأمين على أن الواقعة لابد من التعامل معها بكامل الشفافية و بكل وسائل الحسم والتحقيق فيها للوصول إلى المعالجة الشافية وتقديم كل من تسبب فى هذا الأمر للمحاسبة وكونت الشرطة لجنة تحقيق برئاسة العميد شرطة يوسف المأمون وطلب منه رفع الأوراق فور إنتهاء التحقيق، وقد تم حصر وتحديد كل أفراد الشرطة الذين ظهروا فى التصوير، وقال الفريق شرطة العادل العاجب نائب مدير عام الشرطة في لقائه برؤساء تحرير الصحف أمس بدار الشرطة ببري، أنه سوف يقف بنفسه على مجريات التحقيق أولا بأول حتى تقديم المتهمين للمحاكمة وقال ان حصانات افراد الشرطة لا تمنع من المحاسبة والمعاقبة، مشيرا الى انها حصانات اجرائية وليست موضوعية، والتزم باعلان نتائج التحقيق واتخاذ الاجراءات اللازمة فوراً.
واللافت في الأمر حرص قيادة الشرطة التأكيد على عدم صلة شرطة النظام العام بتنفيذ الأحكام القضائية واتهام جهات بمحاولة استخدام المقاطع المصورة لتشويه صورة الشرطة وشرطة النظام العام على وجه الخصوص، حيث شكك العاجب في لقاء أمس في موعد بث الشريط بعد ان كشف ان عقوبة الفتاة كانت في شهر يوليو 2009م وقال ان بث الشريط الآن مقصود حتى يتزامن مع اليوم العالمي لحقوق الانسان في العاشر من ديسمبر، وقال ان المقصود الآخر هو التشويش على العقوبات الحدية والشرعية في القانون.
قراءتان عن النظام
على صعيد النظام الحاكم تراوحت القراءات بين قراءتين، أولاهما تقول ان الحكومة مستفيدة من بث الشريط بل ومستخدمة له ويتقدم بهذه القراءة الكاتب المعروف سالم أحمد سالم الذي يقول انه بعد استقراء متمعن في معظم جوانب الفيديو، نجد ان الشخص الذي قام بعملية التصوير شخص حكومي، لأن التصوير ليس مختلسا وكان بعلم الشرطة، ويقول في تحليل له بموقع سودانيز اون لاين نشره أمس، ان هذا الشخص الحكومي أما أنه كان يحمل تفويضا من جهة عليا بالتصوير أو انه هو نفسه جهة عليا لا تجرؤ الشرطة أن تمنعه، بل إن الشرطة سهلت له المهمة، ويشير الى إن القاضي الواقف في خلفية التسجيل والذي كان يتحدث إلى الفتاة وإلى الشرطي الذي كان ينفذ أمر الجلد كان يشاهد علمية التسجيل والمصور على بعد بضعه أمتار منه، فلم يعترض القاضي على عملية التسجيل اما لأنه يرى التسجيل من تمام عدالته "التشهير" أو أن الشخص الذي كان يقوم بعملية التسجيل أعلى سلطة من القاضي، ليخلص إلى الاحتمال الوحيد، كما يقول، أن الجهة التي قامت بعملية التسجيل هي جهاز أمن الحكومة، لأن جهاز أمن الحكومة هو الجهة الوحيدة القادرة على القيام بمثل النوع هذا النوع من العمل، وثانيا لأن جهاز أمن الحكومة هو الجهة الوحيدة التي يمكن أن تستفيد من هذا النوع من العمل، ثم يجيب سالم على السؤال (ما هي إذن الفائدة التي يكمن أن يحققها جهاز أمن الحكومة من عملية السجيل؟)، ويقول أن الفتاة "من أسرة معروفة كما تقول بعض الشهادات حولها، ومن حيث أنها من "أسرة معروفة" وأن ابنة هذه الأسرة "المعروفة" مستهدفة بعملية تشهير حكومية رسمية قامت بها وشاركت فيها جهات رسمية، المستهدف بالتشهير إذن هو أسرة هذه الفتاة، ويقول أن جهاز أمن الحكومة هو الجهة التي قامت ببث التسجيل، وأن بث التسجيل تم بموجب قرار من شخص على درجة عالية من المسؤولية سواء من داخل جهاز أمن الحكومة أو أحد قياداتها العليا، ويطرح السؤال (ما هي الأسباب التي جعلت جهاز أمن الحكومة يستهدف هذه "الأسرة المعروفة" ؟) ويقول (سوف تظهر الإجابة).
القراءة الثانية تذهب الى ان نتائج هذه القضية ستعصف بالكثير من استقرار الحكومة وتماسكها، وانها ستجعل مدار الجدل القادم القانون نفسه ومواده ومن ثم طرائق تنفيذه، فقانون النظام العام الذي يصفه الخبير القانوني كمال الجزولي بأنه ظالم ويقول (ظلم هذا القانون لأهل الهامش، ولجنس النساء، ولعلاقات الجِّيرة، بل للعلاقات الأسريَّة نفسها، يتبدَّى في كلِّ موادِّه تقريباً!) سيجد سهاما نافذة هذه المرة تستهدف وجوده في الأساس، وتلوح أولى علامات الضغط باعلان تضامن منظمات نسوية سودانية ممثلة فى الاتحاد النسائى السودانى وامانة المرأة بالجبهه الوطنية وتحالف نسوة لاقامة اعتصام امام السفارة السودانية بلندن اليوم الاحد من الساعه 12 ظهرا وحتى الساعه 4 بعد الظهر وذلك للتعبير عن مناهضة واستنكار القوانين المذلة للنساء وعلى رأسها قانون النظام العام، وكما قيل في الاعلان (تأتى هذه الخطوه على خلفية الشريط الذي اثار ردود فعل واسعة وفى عواصم عديدة)، وكما تعبر لبنى في عمودها بصحيفة حريات الالكترونية امس فان كيل السباب للقاضى الذى أصدر الاحكام والشرطة التى نفذت قانون؟ لا يجدي نفعا وان كان لهم نصيب مما اكتسبوا، وتقول، لن يستقيم الظل والعود اعوج .. فما لم تلغ “المحاكمات الايجازية ” الصورية التى تمارسها “محاكم النظام العام” عادة و”المحاكم العادية ” احيانا.. وكذلك القوانين القمعية والمهينة لكرامة الانسان فان اى مساءلة للقاضى او تيم الشرطة ستكون مجرد عبث وبحث عمن “يشيل وش القباحة” وبحث عن كبش فداء..
ماذا لو جاءت الوحدة .. أتوافق الحركة الشعبية أم تحارب
..؟!!
تقرير: التقي محمد عثمان
ما زالت دول الجوار وامريكا واوربا تتحسب لموافقة أو عدم موافقة الحزب الحاكم على انفصال الجنوب، فتارة تجد من يسعى لتهدئة الخواطر وابقاء الأمور في خانة المقدور عليها محذرا من عواقب وخيمة، وتارة أخرى تجد من يلوح بعصا التهديد وينذر بالوعيد اذا لم ينصع المؤتمر الوطني لما يخرج به الاستفتاء من انفصال سهل وميسر، وتارة أخيرة تجد من يقدم المحفزات للوصول بسلاسة للنتائج المرتجاة.
في الأولى تجد الرئيس الاثيوبي ملس زناوي يحذر من عواقب “مروعة” بالنسبة لافريقيا إذا عاد السودان إلى الحرب، وقال ملس الاسبوع الماضي ابان استضافته محادثات الايقاد حول السودان في اديس ابابا “مثل جميع سيناريوهات يوم القيامة فإن (العودة للحرب) مروعة بدرجة لا يمكن توقعها.. مرجحا أن يكون الأمر أكثر صعوبة وتعقيدا، وقال انه يتعين فعل كل شيء في الاستطاعة لمنع الحرب من الحدوث لأن البديل سيكون بالغ التدمير ليس للسودان او للقرن الافريقي فحسب بل للقارة بأكملها.
وفي الثانية تجد الولايات المتحدة تعلن عن جملة تهديدات ستتخذ طريقها الى ارض الواقع اذا لم يف المؤتمر الوطني بتعهداته باجراء الاستفتاء في موعده، وتغلف امريكا وعيدها بورق الوعود الايجابية وتقول انها ستريح حكومة الخرطوم مما يقلق بالها، حيث كان السيناتور جون كيري، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، أعلن، خلال زيارته الأخيرة إلى السودان، عن وجود خارطة طريق اقترحها الرئيس باراك أوباما تقدم بموجبها حزمة حوافز للحكومة تتمثل في شطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ورفع العقوبات الاقتصادية واعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الى طبيعتها بتعيين سفير امريكي في الخرطوم.
وفي الثالثة تجد الاتحاد الأوروبي يشدد على أن يتصف الاستفتاء بـ (الصدقية) ويعرب عن أمله في أن يجري في (مناخ سلمي)، حيث أورد بيان أصدره وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذين اجتمعوا في بروكسل قبل ايام أن الاتحاد الأوروبي نشر في المنطقة بعثة للمراقبة الانتخابية “لتأكيد دعمه لتطبيق اتفاق السلام الشامل وإرساء مناخ من الثقة بعملية الاستفتاء”، ودعا الوزراء الأوروبيون كل الأطراف إلى “الامتناع عن أي عمل أحادي الجانب” قبل الاستفتاء وخلاله وبعده..
ومن جهته ما فتئ المؤتمر الوطني صبح مساء يؤكد على قبوله بنتائج الاستفتاء ويلحق موافقته بطلب خجول يتعلق بالحرية والنزاهة، كان آخرها ما قال به نائب رئيس الجمهورية ،على عثمان محمد طه، من التزام الحكومة بإجراء الاستفتاء فى موعده في التاسع من يناير المقبل، وتشديده على احترام رغبة الجنوبيين فى الاختيار، والحق طه لدى مخاطبته اعمال المؤتمر الافريقى للتنمية الخميس الماضي، شرط المؤتمر الوطني الدائم (ان يتم الاستفتاء بدون تأثير او تشويش)، ولكن الوطني لا يتردد ان يعلن كل مرة انه يفضل انفصالا بسلام على وحدة مع حرب .
ومن الجهة الثانية نجد الحركة الشعبية تتخلى كل يوم عن ارثها الوحدوي الموروث من مؤسسها الراحل دكتور جون قرنق وتتسع خطواتها بوتيرة متصاعدة نحو تبني خيار الانفصال للدرجة التي اعلن فيها امينها العام باقان أموم، أن قطار الوحدة بين شمال السودان وجنوبه قد ولى و (لم تبق قطرة أمل واحدة لوحدة السودان) ويذهب اكثر من ذلك ويقطع الطريق امام أي محاولة للعمل من أجلها حين يقول لصحيفة الشرق الأوسط في وقت سابق انه لا سبيل للوحدة إلا إذا قام المؤتمر الوطني باحتلال الجنوب عسكريا (وبالتالي فلن تكون وحدة.. وإنما احتلال).
والحال على هذا النحو، يكون السؤال حول مآل الأمور اذا اختار الجنوبيون الوحدة على الانفصال واردا، وواجبا، طالما ان الاستفتاء مفتوح على الخيارين، وبشكل اكثر تحديدا ما الذي سيكون عليه موقف الحركة الشعبية بعد ان أوغلت قدما في تبني اطروحة الانفصال وهي مالكة السلطة والمال والقوة العسكرية، وهل تركت الحركة الشعبية خطوط رجعة تقيها شرور الوحدة اذا جاءت نتيجة الاستفتاء تحملها، أم انها ستمضي في خطتها الجديدة بكل السبل وتضع كل بيضها في سلة الانفصال وستقاتل من أجله وتعلنه من طرف عبر برلمان الجنوب، كما قال من قبل اموم عقب بروز مطالبات بتأجيل الاستفتاء في الايام الأولى لتكوين مفوضية الاستفتاء إنه «إذا حدثت أي محاولة لتأجيل أو تعطيل الاستفتاء فإن برلمان جنوب السودان سيقرر الطرق التي يمكن أن يمارس بها الجنوبيون حقهم في تقرير المصير»، وقال ان إحدى تلك الطرق قد تكون تولي برلمان جنوب السودان الإشراف على عملية تنظيم الاستفتاء بشكل كامل دون الشمال إذا جاءت عملية الإعاقة من الشمال، وربما يتكرر الموقف نفسه ولكنه سيكون مرتبطا بنتيجة الاستفتاء وليس باعاقته.
اذ ليس من باب التكهن ـ كما يذهب مراقبون ـ تحذير جهات من احتمالات اندلاع الحرب، فربما كانت هذه التوقعات تضع في حسبانها رفض الحركة الشعبية لنتائج الاستفتاء اذا كانت وحدة لا انفصالا، فقد اشارت تقارير دولية اخيرة الى احتمالات ارتفاع كلفة الحرب بين الشمال والجنوب لتصل الى مائة مليار دولار مقسمة بين الشمال والجنوب ودول الجوار والمجتمع الدولي، وأقرب قراءة لهذه الارقام ترجح قيامها بين دولتين احداهما معلنة من طرف واحد، وفي حديثه المشار اليه مع صحيفة "الشرق الأوسط" كان اموم هدد بالعودة إلى الحرب مجددا في حال نقض اتفاقية السلام وعدم تنفيذها للنهاية، والنقض هنا ـ بحسب مراقبين ـ قد يعني تنفيذها بغير ما ترغب فيه الحركة الشعبية، ويشير كثيرون الى ان الحركة الشعبية ستقود الجنوبيون الى ما اعتزمته، ففي ورشة بالمركز العالمي للدراسات الافريقية عن (المخاطر المترتبة علي الانفصال وتداعياته) في يوليو الماضي، وصف السفير السابق بوزارة الخارجية البروفيسور ديفيد ديشان الانفصال بالاستعمار الجديد، لأن الحركة الشعبية ستفرضه على شعب الجنوب، وقال ان الاستفتاء في ظل الحركة سيكون مغشوشا وسيفتقد للنزاهة استنادا لتجربة الانتخابات، ومن وجهة نظر مدير مركز السودان للبحوث والدراسات الاستراتيجية الدكتور خالد حسين فان الحركة الشعبية باتت تلعب على المكشوف للوصول لقيام الدولة الجديدة عن طريق الإستفتاء، ولابد أن تكون نتيجة الإستفتاء لصالح الإنفصال.
ويقدم رئيس حركة القوى الديمقراطية (حق) قرشي عوض قراءته لموقف الحركة الشعبية الجديد المتبني للانفصال والرافض للوحدة، ويقول في حديثه لـ الصحافة عبر الهاتف أمس ان الاحزاب الجنوبية بقيادة المنبر الديمقراطي (بونا ملوال) اختارت الانفصال بلا مواربة وحشدت حشودها من أجله وخلقت رأيا عاما داعما للانفصال وبالتالي وضعت الحركة الشعبية امام خيارات صعبة تتراوح بين فقدان التنافس على السلطة وأن تحرق نفسها، فاختارت الحركة الشعبية بدلا من الاحتراق ان تحرق كرت اللاعبين بالانفصال، وهذا الخيار ـ والحديث لقرشي عوض ـ لجأت اليه الحركة مكرهة بعد ان اجتمعت كل الظروف على التيار الوحدي، منبها الى ان المؤتمر الوطني الذي يزعم الآن الدعوة للوحدة حارب التيار الخطأ في الحركة الشعبية وهو تيار عرمان وباقان، مما جعله من حيث يدري ولا يدري يضعف التيار الذي كان يجب تقويته، ويشير عوض الى ان هذا الخيار اضطر له من قبل اسماعيل الازهري حين فاضل بين موقفين، الوقوف مع الوحدة مع مصر أو استقلال السودان فأختار الخيار الأخير حين لم يعد خيارا.
ويذهب الدكتور خالد حسين قريبا من هذه القراءة ولكن عبر فقه البدائل الذي اتخذته الحركة، ويقول في مقاله الاسبوعي اللعب على المكشوف ان سوء القصد والمكر الذي كانت تُضمره الحركة الشعبية استبان منذ توقيع نيفاشا. ووضح تماماً أن الحركة الشعبية ومن خلفها الولايات المتحدة كانت أحد أهداف الخيارت التي تُفضي إليها نيفاشا هي فصل الجنوب وإقامة الدولة المستقلة كخيارأخير. إذ الخيار الأول إسقاط المؤتمر الوطني عن طريق الإنتخابات من خلال الإتفاقية ثم إقامة دولة السودان الجديد بمفهوم الحركة الشعبية وإذا لم يتم أياً من هذه الخيارات يكون الإنفصال هو الخيار الأخير، وهو ما تعمل على تحقيقه الحركة الشعبية الآن، وستبذل في سبيله ما تستطيع وما لا تستطيع، ويشير حسين الى انه ليس مهماً بالنسبة للحركة الشعبية الوسيلة التي يتم بها تحقيق قيام الدولة الجديدة. سواءاً كان عن طريق صناديق الإقتراع عبر الإستفتاء أو عبر أي طريق آخر..
و يتوقع القيادي بالمؤتمر الوطني ربيع عبد العاطي في رده على (الصحافة) عبر الهاتف أمس ان يخلق اختيار الجنوبيين الوحدة واقعا جديدا، ويتوقع ان تنتصر الارادة الجنوبية لتحقيق التعايش السلمي والانصياع لحقائق التاريخ والواقع، ويقول ان فشل الحركة في تجيير ارادة الجنوبيين لمشروعها الانفصالي الجديد سيمثل فشلا ذريعا لها مما سيخلق معادلة جديدة، وبالتالي سيكون رد فعل الحركة الشعبية على اختيار الجنوبيين الوحدة مجرد فرفرة مذبوح، ويقول ان الحركة تعودت ان لا تشتغل على البرامج السياسية وانما على قوتها العسكرية وقدرتها على اغتصاب قضية الجنوب من القوى الأخرى، مشددا على ان الحركة الشعبية لا تمثل ارادة الجنوبيين وانما تمثل ارادتها، ويقول ان الحركة اذا اختارت الحرب في حال اختار شعب الجنوب الوحدة لن يكون لها وجود في الساحة وستعود كما كانت حركة متمردة ولن تتمتع بما كانت تتمتع به وربما تتحول الى آلية تخدم مصالح آخرين وليس لخدمة مصالح الجنوبيين، ويقول عبد العاطي ان الحركة اذا اختارت خيار المواجهة لوقف الوحدة ستخوض الحرب بردة فعل المهزوم ( والمهزوم قد يكون شرسا في البداية ولكن حربه لا تثمر في النهاية وسيصبح نسيا منسيا) مشيرا الى ان الحركة ستكون جربت الحرب والسلم ولم تحصل على ما تريده، واذا تمردت للمرة الثالثة لن تحقق هدفها وانما ستكون حربها خاسرة.
في المقابل وبحسب مراقبين فان الحركة الشعبية تمضي في خيارها نحو الانفصال مسنودة بحسابات دقيقة وباستطلاعات للرأي تعزز فرصها في حيازة الانفصال دون حاجة لانتزاعه بحرب جديدة، مشيرين في هذا الصدد الى استطلاع مستقل لرأي الناخبين الجنوبيين المحتملين عرضه معهد الدراسات الامنية الجنوب افريقي ابان مباحثات لشريكي الحكم منتصف العام الماضي بجنوب اشار الي ان 70% منهم اختاروا الانفصال عن الشمال في الاستفتاء حول تقرير المصير، ويقلل قرشي عوض من احتمالات الحرب باسباب اخرى منها ان الحركة لن تقاتل من اجل الانفصال اذا كان خيار الجنوبيين الوحدة، لأنها اصلا وحدوية، بل بالعكس ستكون خرجت من ورطة كبيرة ومأزق شديد لأن الوحدة ستقدم لها خدمة كبيرة باتاحتها لها فرصة العودة الى اطروحتها الاساسية (وحدة السودان على اسس جديدة)، ليعود ويقول ان الحركة ستخوض الحرب في حالة واحدة وهي اذا جرى تزوير في الاستفتاء ويضيف (حتى في هذه الحالة ما سيحدث هو ان الجيش الشعبي سيقوم بانقلاب يستبدل بموجبه القيادة السياسية للحركة ويأتي بأخرى ليخوض حربه)، من جهته يتوقع ربيع عبد العاطي ان تحدث متغيرات لا تجعل من الحرب احتمالا واردا، ويقول انه ستسود حالة رمادية في المرحلة القادمة لا انفصال ولا حرب بحيث تنتصر الارادة الرامية لتحقيق التعايش السلمي والانصياع لحقائق التاريخ والواقع، ولكن الدكتور خالد حسين يشدد على ان الحركة مستعدة للحرب وكل تصرفاتها تقول بلسان واحد (من أراد أن تثكله أمه أو ييتم أطفاله فليلتقينا جنوب حدود 56)...

الحكومة ومناوي .. تِجخِجِخ سُنون بجيب دم

الحكومة ومناوي .. تِجخِجِخ سُنون بجيب دم

تقرير: التقي محمد عثمان

اكملت الحكومة ما لديها مع رئيس حركة تحرير السودان مني اركو مناوي، فبعد ان ماطلته زمنا في اعادة تعيينه كبيرا لمساعدي الرئيس، متخندقة في مواقفها المعلنة من تنفيذ اتفاقية ابوجا، أعلنت اقالته من موقعه الرسمي كرئيس للسلطة الانتقالية باقليم دارفور وطرده من منزله وبالضرورة استلام ما عنده من عهد ولوازم سلطة، وعينت بدلا عنه والي غرب دارفور عبد الحكم طيفور، وبالتالي تكون آخر حلقات الود المأزوم بين الطرفين التي بدأت في المدينة النيجيرية ابوجا في مايو الفين وستة قد انقطعت، ويكون كل طرف أخذ باسباب استمراره في ما اختار.

وجاء في الأخبار ان والي غرب دارفور جعفر عبد الحكم إسحق تسلم رسمياً أمس الأول رئاسة السلطة الانتقالية لدارفور بدلاً عن مناوي بموجب قرار جمهوري. وجاء فيها ايضا ان رئاسة الجمهورية أمرت طاقم الحراسة الخاص بكبير مساعدي الرئيس سابقا مني أركو مناوي بإخلاء المنزل الذي كان يقطنه مناوي بشارع البلدية ومنحتهم مهلة أسبوع للمغادرة تنتهي خلال الساعات المقبلة، وتأتي هذه التطورات بعد تطور ميداني آخر سبقها بيومين حين أعلن الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة ان جيش تحرير السودان بقيادة مناوي بات هدفا عسكرياً.

والاشارة الواجبة قبل الخوض في مناقشة القرار الأخير القاضي باعفاء مناوي وتنصيب عبد الحكم ان النزاع بين الحكومة ومناوي مكانه تنفيذ اتفاق ابوجا، وتقدير كل طرف منهما لما تم تنفيذه وكيفية تنفيذه، فبينما يعتبر مناوي ان الحكومة لم تف بتنفيذ الاتفاق وان ما نفذته منه لا يتعدى 15%، ويقول في بيان صدر منه أخيرا من مقر اقامته بجوبا، ان الأربع سنوات الماضية لم يحرز أي تقدم يذكر في عملية اتفاق سلام دارفور في أي من محاورها: السلطة، الثروة، الحوار الدارفوري الدارفوري، الترتيبات الأمنية، ويقول ان المتفق عليه هو أن يتم تنفيذ محاور الاتفاقية وفق الجداول المتفق عليها، وبشكل متزامن، وهذا لم يتم بسبب عدم رغبة المؤتمر الوطني في التنفيذ، ويقول ان الحكومة - الآن - تريد تجريد قوات الحركة، باسم تنفيذ الترتيبات الأمنية، بشكل مخالف للاتفاقية ومنافٍ تماماً مع الترتيب الزمني لمراحل تنفيذ ملف الترتيبات الأمنية.

وتعتبر الحكومة أنها نفذت (70%) من اتفاق أبوجا مع حركة تحرير السودان ويقول الفريق محمد أحمد مصطفى الدابي رئيس مفوضية الترتيبات الأمنية إن حركة مناوي لم تلتزم بما تم الاتفاق عليه حول الترتيبات الأمنية، ويقول أن الحكومة صبرت كثيراً على الحركة خاصة في الترتيبات الأمنية مؤكداً أن الباب مازال مفتوحاً لإدماج قواتها مع القوات المسلحة غير أنه قال إن الحكومة جاهزة للحرب إذا أرادت الحركة ذلك، ويقول وزير الداخلية إبراهيم محمود حامد إن الحكومة التزمت باتفاق أبوجا، ويشير الى أن مناوي كان يفترض دخوله الترتيبات الأمنية منذ خمس سنوات لكنه رفض لأهداف خاصة، وكما هو واضح فان الحكومة تحصر ما تبقى من الاتفاقية في بند الترتيبات الامنية.

وبالعودة الى القرار الأخير، فان اول ما يستوقف المراقب انه صدر بمقتضى مواد اتفاقية ابوجا نفسها، إذ قال رئيس السلطة الانتقالية المكلف، الشرتاي عبد الحكم، أن تكليفه ليس خصما على اتفاقية ابوجا بل مستندا عليها، وقال في تصريحه الصحافي عقب اجتماع الولاة الثلاثة الذي اقر الأمر الرئاسي، ان المادة (6 البند51،) نصت على انه فى حال غياب رئيس السلطة يتم تكليف احد الولاة بإدارتها، وبالرجوع الى نص المادة السادسة البند الحادي والخمسين كما جاءت في اتفاق السلام لدارفور، نجد البند ينص على (يترأس الاجتماعات كبير مساعدي الرئيس وفي غيابه أو غيابها يترأس الاجتماعات بالتناوب حكام ولايات دارفور الثلاثة) ويقول الخبير القانوني نبيل اديب في حديثه لـ الصحافة عبر الهاتف أمس ان هذه المادة خاصة بالاجتماعات فقط ولا تنسحب على تكوين السلطة الانتقالية، مشددا على ان الاستناد على هذه المادة في تعيين رئيس للسلطة الانتقالية (يلخبط) الاتفاق، ويقول اديب ان تعيين رئيس السلطة الانتقالية لدارفور يعود الى حركة تحرير السودان الموقعة على الاتفاق كطرف ثان ولا يجوز تسمية رئيس لها الا باجراء داخلي خاص بهذا الطرف وهي مسألة تتم بالتراضي داخل الحركة.

وفي تفسير مساعد رئيس حركة تحرير السودان جناح مناوي للشؤون القانونية عبد العزيز سام فان ما جرى هو (التفاف فارغ) على اتفاق ابوجا، ويقول في حديثه لـ الصحافة عبر الهاتف أمس ان السلطة الانتقالية ما هي الا آلية لتنفيذ اتفاق ابوجا واذا غاب اتفاق سلام دارفور فان الآلية لا لزوم لها، ويقول ان الاستناد على نصوص اتفاق ابوجا في تسمية رئيس للسلطة الانتقالية مجرد التفاف فارغ، ويقول (الآن لا توجد اتفاقية والسلطة الانتقالية الحالية جهاز من أجهزة المؤتمر الوطني وما يجري هو عملية توريث لمخلفات السلطة من ترابيز وكراسي ومقار)، موضحا ان الآليات التي جرى تكوينها بموجب اتفاق السلام تنتهي بانتهاء الاتفاق وبالتالي لا داعي للحديث عن رئيس لسلطة لم تعد موجودة لأن الاتفاق الذي انشأها لم يعد موجودا.

ومن جهته يقول مفوض صندوق اعمار دارفور محمد التجاني ان نصوص اتفاقية ابوجا تتيح في حالة غياب رئيس السلطة الانتقالية ان يختار الولاة الثلاثة بولايات دارفور احدهم ليكون قائما باعمال السلطة حتى يتم ترتيب الأمور، ولكن التجاني لا يرى ضرورة للعجلة في تعيين رئيس للسلطة ومناوي ما يزال يؤكد على تمسكه باتفاق ابوجا وعدم رغبته في الخروج عليه، ويقول التجاني في حديثه لـ الصحافة عبر الهاتف أمس ان أي اعادة لهيكلة السلطة الانتقالية لا تستوعب الحركة الرئيسة الموقعة على الاتفاق يعتبر تنصلا واضحا من اتفاق ابوجا ويشير الى ان اللجوء الى تسيير السلطة عبر الحركات الملحقة بابوجا أو ما عرفت بحركات الـ (دي أو سي سي) ليس حلا للمشكلة، ويقول اذا كانت الحكومة تعتزم المضي في هذا الاتجاه فليكن ما يكون، ويضيف (لكنني اذكرها اننا نفتح ابوابنا مشرعة للتحاور والتفاوض حول كل الاشكالات الموجودة الآن).

وبنظر بعض المراقبين فإن التطور الأخير بين الحكومة ومناوي يشير الى وصول الامور بين الطرفين الى نقطة اللاعودة، منبهين الى صعوبة الاوضاع التي قد تنجم من هكذا تباعد ما لم يتم الاستدراك عليه، فهل تراه ينتبه مناوي الى المآلات القاتمة التي تنتظر حركته سواء كان على مستوى منتسبيها المنضوين تحت لوائها، أو على مستوى جمهورها - المواطن الدارفوري، فالأوائل ستكون امامهم مسيرة شاقة بما فيها من تضحيات جسام قدموها من قبل وسيكون عليهم تقديمها مجددا، وبما فيها من خوض حروب خلفت جرحى ما تزال جراحهم نازفة وقتلى ما تزال اسرهم ثكلى، والأواخر ما يزال بعضهم يعانون النقص في الاموال والانفس والثمرات والبعض الآخر يعانون في معسكرات النزوح واللجوء، وهل تراها تنتبه الحكومة لخطورة خسرانها لأحد اساطين السلام الذين وقعوا باستقلالية على اتفاقية ابوجا واختاروا السير في طريق السلام كما اثبتت السنوات الخمس المنصرمة وتستدرك على تصرفاتها الموغلة في توسيع الهوة معه، أم انها ستوالي جخجخته تارة بمحاصرة قواته واعتبارها هدفا عسكريا وتارة اخرى بكيل الاتهامات له بالتآمر وتارة أخيرة بتعيين رئيس للسلطة الانتقالية وتكون النتيجة دما اضافيا مسالا كنتيجة حتمية ينطق بها المثل الدارفوري الشائع (تِجخِجِخ سُنون بجيب دم)

نور وإمام ومناوي في جوبا .. وعودٌ بالعواصف أم بالسلام..!؟

تقرير: التقي محمد عثمان

عقب اجتماع استمر ليومين في الثلاثين من يوليو الماضي بمدينة جوبا أعلن المجتمعون الثلاثة انهم في انتظار عبد الواحد محمد نور ليكتمل شملهم، واشار القادة الثلاثة الموقعون على اتفاق توحدهم عقب اجتماعهم ذاك إلى أن اتصالاتهم ستركز على رئيس حركة تحرير السودان، لتوحيد الفصائل في فصيل واحد هو الحركة التي بدأت العمل المسلح قبل ثمانية أعوام. وهاهي الأنباء بعد اربعة اشهر تسفر عن خبر وصول نور الى نيروبي في طريقه للقاء مني اركو مناوي وابو القاسم امام واحمد عبد الشافع تويا بعاصمة الجنوب، وكما جاء في حيثيات النبأ فان نور التقى عدداً من قيادات الحركة الشعبية بمقر اقامته بباريس أقنعته بضرورة الحضور إلى جوبا لإجراء مشاورات حول التنسيق المطلوب للمرحلة المقبلة مع بعض قادة الحركات المسلحة بدارفور.

وتتوافر دوافع عديدة لعقد مثل هذا اللقاء، قد يكون على رأسها ان هؤلاء الشباب الذين ارتبطت بهم حركات دارفور المسلحة الأكثر تأثيرا استوعبوا درس التشرذم والشقاق ويعودون الى بعضهم في ما يشبه عودة الوعي باهمية العمل الموحد سواء كان سلما أو حربا وذلك بعد ما ذاقوه منذ فارقوا حركتهم الواحدة عقابيل بذر الفرقة بينهم بواسطة مؤتمر حسكنيتة الشهير اكتوبر 2005، وثاني الدوافع ربما يكون السعي لخلق أرضية تفاوضية مشتركة وتحديد منبر تفاوضي واحد، وربما الثالث هو الاستعداد لعمل عسكري بتنسيق كامل يهدف لخلق واقع عسكري يقود الى تحقيق مطالب سياسية، وربما يكون الدافع الرابع خارجيا وبدفع من قوى اجنبية لها اجندتها في دارفور والسودان.

وبحكم ان القادة الاربعة يحتلون مواقع متقدمة في خارطة المشهد الدارفوري فهم الآن قادة لفصائل لها وجودها على ارض الواقع السياسي والى حد كبير العسكري، مدعومين برمزيتهم كمؤسسين لحركة تحرير السودان، فإن عودتهم للتوحد تعني ـ حسب الفرضية الأولى والثانية في حساب الدوافع ـ ان حركات دارفور في طريقها الى الألتئام في فصيلين مثلما كان عليه الحال أول مرة عند اندلاع المعارك في دارفور، حركة اسلاميين تمثلها العدل والمساوة وحركة علمانيين تمثلها تحرير السودان، لنكون بذلك نقترب من الحلول، فكما يقول الدكتور غازي صلاح الدين، مستشار رئيس الجمهورية، ومسؤول ملف دارفور في الحكومة ان التوصل لاتفاق سلام نهائي مع الحركات المسلحة في دارفور مرتبط بوحدة الحركات المسلحة تنظيمياً وموقفياً، وفي حديثه لـ الصحافة عبر الهاتف أمس يقول الناطق الرسمي باسم حركة تحرير السودان (جناح عبد الواحد) بفرنسا صلاح جابر ان رئيس الحركة ذهب الى جوبا للتباحث مع القيادة الجنوبية والقيادات السياسية السودانية وسيذهب في جولة الى الدول المجاورة للبحث عن سبل حقيقية للسلام في السودان، مشددا على ان الوقت حرج، ويجب البحث عن انجع السبل لتحقيق السلام، ويقول ان نور سيلتقي مع مناوي وامام وعبد الشافع واذا حدث توحد فانه سيكون باسم السلام ومن اجله وليس مع مناوي فقط وانما مع كل القوى السياسية الراغبة في تحقيق الامن والسلام والوحدة. ومن جهته لا يستبعد الخبير الامني العميد معاش حسن بيومي اتحاد عبد الواحد مع الآخرين، ويقول في حديثه لـ الصحافة امس انهم ربما يتحدوا لتقوية جبهة بقيادة عبد الواحد وبالتالي تكون هناك جبهتان قويتان وفصيلان قويان يسهل التفاهم بينهما ومع الحكومة، مشيرا الى ان عبد الواحد مسنود داخليا بوجوده في المعسكرات ومسنود خارجيا بالدعم الذي يجده من دول غربية مؤثرة وكذلك الأمر بالنسبة لخليل ابراهيم المسنود بوجود عسكري داخليا ودعم اقليمي خارجيا، مشيرا الى ان تكوين حركتين قادرتين على التفاهم وخوض المفاوضات سيمكنهما من الحصول على مكاسب اكبر من الحكومة، ويتوقع بيومي ان ترتفع بعد الاستفتاء سقوفات الدوحة كلها مؤكدا انها لن تظل كما هي، ويشير الى ان التأخير والابطاء الحالي في المفاوضات ربما كان مدبرا حتى لا تصل الدوحة الى اهدافها، وستكون السقوف بعد الاستفتاء مطالب نائب أول للرئيس واقليم ونصف الموارد وهكذا...

ولا يستبعد كثيرون ان يكون الخيار العسكري واردا بنسبة كبيرة ـ بحسب الفرضية الثالثة ـ وهنا يجد المراقب تحذيرات متكررة صدرت من الحكومة في الخرطوم تشير الى انطلاق عمل عدائي مدعوم من الحركة الشعبية من الاراضي الجنوبية، وقالت اكثر من مرة على لسان المتحدث الرسمي باسم الجيش ان حكومة الجنوب توفر المأوى والملاذ لقوات الحركات المسلحة، وقال المقدم الصوارمي خالد سعد عقب المعارك التي جرت مطلع نوفمبر الجاري مع حركة العدل والمساواة في دارفور ان الحركة فرّت الى الجنوب واستقبلها الجيش الشعبي لتحرير السودان الذي قام باجلاء جرحاها الى مدينتي جوبا ويي وحتى الى اوغندا وانه يقدم للحركات المسلحة كل انواع الدعم، وبالأمس حّمل المؤتمر الوطني الحركة الشعبية مسؤولية ما يترتب على ما وصفه بدعمها المستمر للحركات المسلحة بدارفور، وأعتبر الدكتور محمد مندور المهدي عضو المكتب القيادي والسياسي للمؤتمر الوطني في تصريح للمركز السوداني للخدمات الصحافية، استقبال الحركة الشعبية لقيادات تمرد دارفور بجوبا بأنه (إعلان حرب) من جانب الحركة مطالباً الحركة الشعبية بضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة تستوجب إخراج الحركات المسلحة الدارفورية من الجنوب فوراً وإيقاف كافة مظاهر الدعم اللوجستي والسياسي الذي تقدمه لهم وقال انه إذا لم تستجب الحركة لهذه المطالب عليها تحمل مسئولية ما يترتب على ذلك.

في المقابل تعلن الحركة الشعبية انها تسعى لتوحيد الحركات المسلحة الدارفورية من اجل دعم عملية السلام في الاقليم ويقول القيادي بالحركة محمد المعتصم حاكم في حديث سابق له متزامن مع المبادرة التي طرحتها الحركة لتوحيد الفصائل ورفضها المؤتمر الوطني ان الحركة لا تبحث عن اي كسب سياسى، ولم يأت موقفها فى اطار المكايدات او المزايدات السياسية، ويقول حاكم في حديث للشرق الأوسط لدينا خبرة فى التفاوض وادارة مثل هذه الصراعات ونسعى للاستفادة منها، مشيرا الى ان للحركة قبولا محليا واقليميا ودوليا. من جهته يتعامل قائد مجموعة الإصلاح بحركة «مناوي» علي حسين دوسة مع وحدة الفصائل المتوقعة في جوبا بحذر ويقول اذا كانت الوحدة من اجل السلام والحوار فهذه نوافق عليها، وذلك اذا كانت تمضي في اتجاه اقرار مبدأ السلام كأولوية اما ان كان الغرض اي دورة جديدة للحرب دارفور فهذه مرفوضة لأن دارفور لا تحتملها وستزيد من معاناة النازحين واللاجئين والمواطنين.

وفي الأخير يقودنا العميد م بيومي الى فرضية الاجندة الخارجية ويجزم ان المسألة تقع ضمن إطار مخطط وراءه اسرائيل والدول الكبرى والهدف هو الحصول على دارفور بعد ان حصلوا أو اوشكوا على الحصول على الجنوب ويقول ان فصل دارفور احتمال وارد في اجندة هذا اللقاء، مشيرا الى ان دارفور بها موارد غير موجودة في أي مكان آخر من السودان، اضافة الى لامريكا مخطط جاهز لمد خط انابيب ليربط انبوب البترول الذي يمتد عبر تشاد الى ياوندي الى الاطلسي حتى لا يضطروا للمرور عبر البحر الاحمر ومشاكل الصومال واليمن وباب المندب، ويقول ان علاقة الحركة باسرائيل واضحة، قيادات وتدريب. ويشير ايضا الى وجود قواعد انطلاق اسرائيلية في يوغندا وكينيا واديس، وكذلك لعبد الواحد علاقة معلنة باسرائيل، ويشدد بيومي على ان كل الخيوط تتجمع لتقول ان اسرائيل وراء هذا التجميع للاطراف في جوبا، مشيرا الى ان استراتيجية اسرائيل هي تفكيك السودان حسب ما اعلن وزير الشؤون الداخلية والاستخبارات الاسرائيلي السابق، ويقول ان للحركة الشعبية استعداد لاحتضان كل حركات دارفور سواء كان لرغبة خاصة بها او بالوكالة عن دول أخرى، في الحالة الأولى لاستخدامها ككروت لتلعب بها مع المؤتمر الوطني في ما يتعلق بمشاكل الحدود وأبيي وغير ذلك من قضايا تحتاج فيها للمساومة. وفي الحالة الثانية لانجاح مخطط التفكيك الذي تسعى له اسرائيل ودول غربية.

ويعبر دوسة عن امله ان يكون اللقاء يجري بغير ضغوط اجنبية. أو ان يكون للحركة الشعبية رغبة في استخدامهم ككرت تفاوضي مع الشمال، مشيرا الى ان للجهات الاجنبية اجندة في دارفور لا تقتصر على اهداف الحركة الشعبية ضد المؤتمر الوطني وانما هي أجندة تمس وحدة السودان.

بينما يرفض صلاح جابر الحديث على هذا النحو جملة وتفصيلا مشيرا الى ان السودان في مفترق طرق ولا ينفعه مثل هذا الحديث، ليعود ويقول انه يتكلم باسم حركة تحرير السودان مؤكدا ان حركته غير واقعة تحت أي تأثير لأحد ولا تدعم اجندة اجنبية ويقول (لا جهة تؤثر علينا وعليكم البحث عن أي مثال سابق لاستخدامنا من قبل احد لصالح اجندته لم يوجد ولن يوجد) مشيرا الى ما يروج له كلام غير حقيقي واشاعات مغرضة، جازما بأن حركة تحرير السودان غير خاضعة لأي ضغوط سواء كانت امريكية أو فرنسية أو اسرائيلية، موضحا ان قرار الحركة جاء بمبادرة من عبد الواحد وبعد التشاور مع القادة تم اتخاذ قرار سفر الرئيس الى الدول المجاورة للسودان وجوبا للبحث عن السلام، وقال ان الأمر ينطبق على الحركة الشعبية فـ (نحن في حركة تحرير السودان لا توجد جهة تستخدمنا لا الحركة الشعبية ولا الدول الاخرى).