السبت، 6 يونيو 2009

منظمات المجتمع المدني .. حبابك يا غريب الدار

منظمات المجتمع المدني .. حبابك يا غريب الدار

الخرطوم : التقي محمد عثمان

قال الاستاذ بجامعة ديوك الامريكية امباي لو، ان فشل الدولة الافريقية الحديثة قاد الى التفكير في تفكيك آلياتها عن طريق دعم وتعزيز دور منظمات المجتمع المدني، وقال انه وبعد الاستقلال كان التركيز على دراسة الدولة الافريقية ولكن بعد ثلاث حقب بدأ الدارسون يكتشفون ان الدولة هي المشكلة، مشيرا الى ان التعويل على المجتمع المدني ظهر كرد فعل على فشل كل الدراسات التي ركزت على شرعية وتشريع الدولة الافريقية .
وبعد ان اشار الى عدم وجود حاجة الى التدليل على وجود ازمة افريقية ( لأننا نسمعها ونراها ونتنفسها في الهواء) عدد الدكتور امباي لو بشير - الذي كان يتحدث في ندوة ( المجتمع المدني : مفاهيم ـ نظريات ـ نماذج ) بقاعة الشارقة صباح امس نظمها مركز دراسات الاسلام والعالم المعاصر – عدّد ثلاثة من مظاهر فشل الدولة الافريقية ، الاول الفقر الشديد والفاقة المتزايدة، والثاني تآكل حقوق المواطن الافريقي وتناقصها عاما بعد عام منذ 1960م ، والثالث عدم قدرة الدولة على ادارة نفسها، وفي المظهر الاخير يشير الى ان الديون الخارجية على افريقيا كانت 8 ملايين دولار في 1960م ووصلت في عام 2000م الى ثلاثمائة مليار دولار وانخفض دخل الفرد في عام 1990م ليعود الى ما كان عليه في 1970م واحيانا في 1950م.
ويقول ان مخطط تفكيك الدولة الافريقية من قبل المؤسسات الدولية والدول المانحة اعتمد سياسة التقشف ودعم القطاع الخاص بهدف اضعاف الدولة الافريقية عبر تقليل الايدي العاملة فيها ونقل مهامها الى القطاع الخاص وحين تضعف الدولة تهرب الكفاءات الى القطاع الخاص وتخلق مجتمعا مدنيا قويا.
ويتناول بشير بداية ظهور مصطلح المجتمع المدني ويقول انه ضارب في القدم ويتوقف عند اربع محطات له ، الاولى، محطة الفيلسوف جون لوك الذي يجعل ظهورها مرتبطا بظهور الدستور والاتفاق بين الدولة والمجتمع على ان تحفظ حقوقه مقابل ان يتنازل لها عن جزء منها ، والثانية محطة توماس بين ومونتسكيو التي تقول بتناقض الدولة مع المجتمع ويجب التوجس منها وان شرعيتها ينبغى ان تبنى على رضا المجتمع، ليتم التأسيس لمبدأ فصل السلطات الثلاث حتى لا تسيطر جهة على قرار المجتمع، والثالثة محطة كارل ماركس الذي قال ان الدولة لا علاقة لها بالمجتمع وانما حقبة من حقب التطور التاريخي وهي تمثل حكم طبقة معينة الى حين الوصول الى المجتمع الاشتراكي، والثالثة محطة الفيلسوف ج ف فردريك هيجل الذي اعتبر الدولة صاحبة السيادة على المجتمع لانها تعكس تطوره وبالتالي تمثل شرعيته.
لينتقل بعدها الى الخلاصة المهمة وهي ان شرعية الدولة الغربية جاءت من التطورات الاجتماعية على عكس افريقيا حيث الدولة الموروثة من الاستعمار هي التي اسست المجتمع الافريقي الحديث بحدوده الجغرافية الحالية ، مشيرا الى ان الرؤساء الافارقة يسمون انفسهم اباء الدولة الذين لهم الشرعية وهم رمزها، ويمضي الى تعريف المجتمع المدني بانه الفضاء العام المنفصل عن الدولة والموجود بين الدولة والاسرة ، مشددا على ان الفضاء المنفصل يعني ان يكون المجتمع المدني منفصلا وعدوا للدولة، متسائلا عن المؤسسات الموجودة في هذا الفضاء في افريقيا، مشيرا الى ثلاث مآخذ ، الاول ان منظمات المجتمع المدني تشغلها المعارضة السياسية ( فهل تمثل المعارضة مجتمعا مدنيا )، والثاني من المؤسسات ما ينبني على علاقات قبلية وعرقية ( هل تعتبر المجتمعات العرقية والقبائلية من المجتمع المدني ) ، والثالث وجود مؤسسات دينية ( هل تعتبر من المجتمع المدني )، ليقول بعدها ( من هنا برزت مشكلة تطبيقات المجتمع المدني في افريقيا ) مشيرا الى كتاب صدر في 1998م يقول بان المؤسسات الدينية والعرقية ليست عضوا في هذا الفضاء الواسع وليست طرفا في المجتمع المدني لأن هذه العلاقات الدينية والعرقية لا تساعد على مواجهة الدولة وانما تساعد على التعامل معها.
ويشرح الدكتور امباي رايه المناقض لهذا الرأي ويقول يجب ان يكون الرافد الديني والعرقي طرفا في المجتمع المدني مستشهدا بنموذجين، الاول من اليمن حيث يستحيل التفكير في المجتمع المدني دون التفكير في القبيلة والمسجد ( ففي اليمن لا بد ان تلجأ الى القبيلة او المسجد حتى تسمعك الحكومة )، والثاني من السنغال حيث طالب ليوبولد سنغور عام 66 بادخال القبائل في الحكم واعطى نفوذا للطرق الصوفية، مؤكدا ان اشكالية المجتمع المدني في افريقيا تصورية ( حين اعتقدنا بعد الاستقلال ان المجتمع المدني هو هؤلاء النخبة الذين يتحدثون لغات اجنبية ويسكنون في العواصم ويمتطون السيارات ) مشددا على ضرورة مراجعة هذه المفاهيم وبناء مجتمع مدني افريقي مغاير لما هو في الغرب يستصحب القبيلة والدين، منبها الى ان الاحزاب الساسية الافريقية ضعيفة وقد تلجأ الى قوى خارجية لدعمها وان منظمات المجتمع المدني في الدول الافريقية بدلا من ان تستمد مشروعيتها من من تمثلهم تأخذ مشروعيتها من مموليها في الغرب، مؤكدا ( كل هذا لا يجيز رفض منظمات المجتمع المدني وانما يدفع الى النظر في مفهوم المجتمع المدني وتفعيله بما يتوافق مع واقعنا في افريقيا )













الثلاثاء، 2 يونيو 2009

الاحزاب المسجلة .. ما الحقيقة ؟!



الاحزاب المسجلة .. ما الحقيقة ؟!



تقرير : التقي محمد عثمان


الآن بات لدينا تسع وستون حزباً تزيد ولا تنقص، احزاب تتمع بشرعية وشخصيات اعتبارية ويحق لها ممارسة انشطتها ودخول الانتخابات القادمة اذا قدر الله للتحول الديمقراطي ان يمشي على قدمين.
ففي احتفال بهيج بقاعة الصداقة امس امّه جمع غفير من المحتفين والمحتفى بهم استلم سبع وثلاثون حزبا شهادة تسجيل من رئيس مجلس شؤون الاحزاب لمزاولة العمل السياسي وفقا لقانون الاحزاب الجديد، لتنضم الى اثنين وثلاثين حزبا سبق عليها الكتاب.
ويبدأ العجب من الكم الحزبي الوافر من اعلان مجلس شؤون الاحزاب ان 50 حزبا مخطرا فقدت شرعيتها القانونية لعدم توفيق اوضاعها خلال مهلة الـ 90 يوما التي كان حددها القانون، ليصبح السؤال حول هذا العدد المهول للاحزاب مشروعا، وما اذا كان يشير الى عافية ام مرض، في رده يقول الخبير الاستراتيجي الدكتور حيدر ابراهيم ان كثرة الاحزاب ليست دليلا على التعددية الحزبية الموضوعية (واسميه تضخما حزبيا - كما في الاقتصاد، عندما تختل معادلة العرض والطلب حيث يكون سعر السلعة اكثر من قيمتها الحقيقية)، ويشدد مدير مركز الدراسات السودانية في حديثه لـ الصحافة عبر الهاتف امس على ان هذه الكثرة ليست دليل عافية وصحة، فـ الحزب الحقيقي يفترض فيه برنامجا تفصيليا وواقعيا لمواجهة قضايا تهم الجماهير ولا بد له من اساس فكري يميزه او حتى ايديولوجية، ويطرح الدكتور حيدرابراهيم على نفسه السؤال الأول : هل هنالك فروق واضحة بين هذه الاحزاب الـ 69 المسجلة، والسؤال الآخر: ما هي القوى الاجتماعية او الطبقات الاجتماعية التي انتجت هذا الحزب، ويجيب (المعروف ان الحزب هو تعبير عن مصالح قوى اجتماعية معينة، فهل تعبر كل هذه الاحزاب عن قوى اجتماعية محددة وهل تمتلك هذه الاحزاب كوادر وقيادات مدربة وذات خبرة بالعمل السياسي والبرلماني والحزبي؟) ويضيف بسخرية (في احيان كثيرة تكون لجنتها المركزية وقياداتها هي نفس جمعيتها العمومية وبالتالي لا تستند على جماهير).
بينما يذهب رئيس حزب البعث السوداني محمد علي جادين الى ان الديمقراطية هكذا، قائلا ان الديمقراطية تتضمن ذلك ومن حق اي مجموعة ان تقيم حزبا ويجب ان لا نتخوف من كثرة الاحزاب بل بالعكس هي ظاهرة صحية، فـ هناك مجموعات كثيرة تريد ان تعبر عن وجهة نظرها من خلال منبر حزبي ويجب ان تأخذ فرصتها (المحك هو ممارسة نشاطها واحراز نتائج سياسية واجتماعية)، مشيرا الى ان الحزب يبدأ بفرد واحد. ويقرأ جادين كثرة الاحزاب من زاوية انه يعكس تحولا من النظام الشمولي والحزب الواحد الى التعددية السياسية والفكرية مشددا على ان الحدث كبير ويقول ان هذا التحول جاء نتيجة مخاض صعب وطويل، يتضمن نضال هذه الاحزاب من اجل استعادة الديمقراطية ويتضمن الدور الكبير الذي لعبته اتفاقية السلام الشامل والاتفاقيات الاخرى في هذا التحول الذي هو ليس من الانقاذ وانما انتزعته هذه الاحزاب انتزاعا بنضالها ، ويستدرك جادين في حديثه لـ الصحافة عبر الهاتف امس بالقول ان تسجيل الاحزاب وحده لا يعني التحول الديمقراطي ولا استعادة الديمقراطية، لوجود قضايا كثيرة ما زال فيها صراع مع المؤتمر الوطني بالتحديد، يشمل ذلك القوانين المتعارضة مع الدستور والاتفاقيات وسيطرة المؤتمر الوطني على جهاز الدولة.. ويفسر جادين العددية الكبيرة للاحزاب وتعدد الاشتراك في الاسماء بأن الحزبية السودانية اخذت دورتها وهي الآن تعيش مرحلة تحولات فكرية وسياسية وهذا ما ادى الى الانقسامات مع اسباب اخرى. مشددا على انه ومن خلال الحراك السياسي وضرورات الواقع يمكن لهذه الاحزاب ان تجدد نفسها وتوحد صفوفها في الفترة القادمة، وتوفر المناخ الديمقراطي قد يساعد كثيرا في هذا الاتجاه.
فقط الدكتورحيدر ابراهيم يرى ان هذه الكثرة تعني ان الممارسة الديمقراطية ستشهد مزيدا من الانقسامية والانشطارية والتشتت بينما نحن في حاجة لمشروع قومي شامل يخاطب قضايا الديمقراطية والتقدم الاجتماعي والوحدة الوطنية. مؤكدا ان كثرة الاحزاب لن تؤدي الى الالتفاف والاتفاق حول مثل هذا المشروع القومي.
امر اخير كان لافتا للنظر في شهادات تسجيل الاحزاب وهو الشكل الاحتفالي والكرنفالي الذي تم به تسليم كل حزب شهادته، وحين اتوجه بالسؤال حوله لمحدثيّ لا يختلف الرجلان كثيرا كما اختلفا بعاليه، ويقول جادين ان المظهر الاحتفالي فيه جانبان: الاول ان مجلس الاحزاب يريد ان يعكس انه قدم انجازا وهذا مقدر عندي. الثاني ان الدوائر النافذة في المؤتمر الوطني تريد استغلال هذا الاحتفال وكأنها منحت الاحزاب حرية العمل والنشاط. مشددا على ان المسألة لا تحتاج الى شكل احتفالي، ويقول ان الهدف الثاني فيه خبث سياسي اذ يحاول المؤتمر تجيير المسألة لصالح خطه السياسي والفكري. ليعود ويقول (في الواقع العملي هناك صراع من اجل استكمال التحول الديمقراطي ولا تؤثر عليه هذه الاحتفالية الاعلامية)
ويصف الدكتور ابراهيم الاحتفال بـ واحد من المشاهد المسرحية للتمكين، ويقول (نجحت الجبهة الاسلامية بمسمياتها المختلفة حتى المؤتمر الوطني في ان تفرض رؤيتها على الاحزاب، فنحن لا ننسى ان اغلب هذه الاحزاب رفضت عملية التسجيل، وانتظرت طويلا، الى ان خشيت من استبعادها من الانتخابات، فقبلت بعملية التسجيل، في مشهد مسرحي، كأنه امتداد لعملية التوالي التي وقفت هذه الاحزاب ضدها طويلاً).

.



الأحد، 31 مايو 2009

مبعوثو العالم يتحدون

مبعوثو العالم يتحدون
الخرطوم و المؤتمر الدولي وجها لوجه

تقرير : التقي محمد عثمان

اجتمع قبل يومين المبعوثون للسودان من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن اضافة الى مبعوث الاتحاد الاوروبي بحضور الوسيط المشترك للاتحاد الافريقي والامم المتحدة، واصدروا بيانا اكدوا فيه دعمهم القوي للعملية السياسية بقيادة الاتحاد الافريقي والامم المتحدة بشأن دارفور مشددين على التزامهم بتسهيل هذه العملية بكل السبل المتاحة.
ولا جرم في ان يجتمع الناس للمساهمة في حل معضلة تطاول ليلها، ولا مندوحة في ان تتداعى الامم بالسهر على المؤرقين من ابناء دارفور، الا ان السؤال الذي يتبادر هو: هل يمثل هذا الاجتماع اول الخطوات في الطريق نحو المؤتمر الدولي حول دارفور الذي اندلع الحديث عنه مطلع مارس الماضي وخبا.
ونشير الى ان الخرطوم رفضت دعوة مصر لعقد مؤتمر دولي ابان زيارة وزير الخارجية ومدير المخابرات ـ المصريين ـ في مارس الماضي، واكد وزير الدولة بوزارة الخارجية السودانية علي كرتى وقتها ان الحكومة السودانية تستغرب هذه الدعوة التى تمت دون تشاور وتنسيق مع السودان، قائلا انه لا سبيل لعقد مثل هذه المؤتمرات لانها سوف تقود الى تدويل قضية السودان.. وقال كرتى ان السودان يقوم بالتنسيق الكامل مع الاتحاد الافريقى وجامعة الدول العربية ولا يتحرك بمعزل عنهما،
مما اضطر معه وزير الخارجية المصري احمد أبو الغيط وهو بالمطار مغادرا الخرطوم ان ينفي بشدة أن تكون فكرة المؤتمر الدولي حول دارفور فكرة مصرية، وقال إنها جاءت في قرار صادر عن مجلس الجامعة العربية في 19 يوليو (تموز) 2008. وأضاف أن الجامعة العربية طرحت هذه الفكرة بدعم وتأييد ومبادرة من مصر.
وفي ما يشبه السجال قطع كرتي بأن ما يجري في الدوحة بين حكومته وحركة العدل والمساواة من مفاوضات لحل الأزمة في الإقليم هو تفسير لما كانت قد دعت إليه الجامعة العربية والحديث عن أي منبر آخر شيء جديد باعتبار أن ما تم الاتفاق عليه في الجامعة العربية هو مشاركة إقليمية ودولية تحت السيطرة وليست دعوات لدول بعينها بريطانيا، وأميركا وفرنسا، التي يمكن أن تقرر في مسائل لا ترضى بها الحكومة السودانية، وقال إن ما تم في الدوحة تم برعاية «6» من الدول من بينها مصر، ليبيا، سورية، السعودية وقطر وبمشاركة الاتحاد الأفريقي والوسيط الدولي، (أما أي حديث آخر عن دول بعينها فقد أوضحنا رأينا فيه).
ويقدر مراقبون اجتماع المبعوثين يصب في خانة فكرة المؤتمر الدولي التي طرحها المصريون بايعاز من جهات اخرى، ويقولون ان ما يقره المبعوثون لن يتجاوزه احد سواء كان في المحيط الاقليمي او الداخلي _ حكومة وحركات مسلحة _ وحين اتوجه امس بالسؤال للبروفيسور حسن مكي حول الاجتماع الذي جرى وما اذا كان مقدمة للمؤتمر الدولي يقول عبر الهاتف، انه ابن عم المؤتمر الدولي، بينما يقول الدكتور آدم محمد أحمد عبد الله ـ عميد كلية العلوم السياسية ـ جامعة الزعيم الازهري ان الاجتماع الحالي دعم للتفاوض اكثر مما هو مرتبط بمسألة المحكمة الجنائية الدولية، مشيرا الى ان المبعوثين يتحركون في اتجاهين الاول دعم المفاوضات الحالية بين العدل والحكومة، والثاني اقناع الحركات الاخرى بجدية الحل والجلوس الى طاولة المفاوضات، منبها الى انهم يمثلون الجهات المعنية بحل مشكلة دارفور، والتي لها اثر على الحكومة والحركات المسلحة، ويقول ان اجتماعهم يعني تسريع خطى المبادرة القطرية، ويعني جلب الحركات الرافضة خاصة حركة عبد الواحد لطاولة المفاوضات.
ومن جهته كان الكاتب والمحلل السياسي الدكتور خالد التجاني النور قد ذهب في مقاله الاسبوعي ان اجتماع خمسة زائد اثنين بالدوحة يشير إلى أن بناء تحالف دولي حول دارفور بدأ بالفعل، والتحالف المقصود هنا هو جر الدول التي ظلت تدعم الخرطوم, وهي الصين وروسيا والدول العربية والإفريقية إلى جانب الحلف المشكل من واشنطن، لندن وباريس، وبروكسل عاصمة الاتحاد الأوروبي. وينبه التجاني الى ان الخرطوم قد تفيق على وقع تحالف دولي جديد يتشكل بمنآى عنها لتجد أن واشنطن سحبت أصدقائها التقليديين لصالح موقف جديد سيشكل عنصر ضغط قوي على الخرطوم.
ولكن البروف مكي يرى ان هناك تغييرا في الموقف الدولي عموما، قائلا ان المجتمع الدولي بدأ يكتشف وجود اطراف محلية ودولية تؤثر في المسألة برمتها، ان معركة دارفور تكسب في النقاط وليس بالضربة القاضية.
مشيرا الى ان فرنسا _ التي كانت اللاعب الاساسي ضد السودان اصبح موقفها ضعيفا في المعادلة الدولية، ويتوقف مكي عند ثلاث محطات تؤشر الى ضعف الموقف الفرنسي اولها الوضع في تشاد الذي لم يعد في صالحها وثانيها الانتخابات في لبنان، حيث ظل صوت فرنسا الاعلى، وتدعم قوة من الدرجة الثالثة، بينما تقول الوقائع ان ايران ستكون ذات موقف اقوى في لبنان بوجود القوى المتفوقة وهي متعاطفة مع السودان، وثالثها موقف تركيا المتعاطف مع السودان، الذي لم يؤخذ في الاعتبار على نحو جيد مشيرا الى مواقف فرنسا ضد تركيا في الاتحاد الاوربي وتوليها قضية ارمينيا، حيث مذابح الارمن تشبه الموصوف بها السودان في دارفور..
وينبه البروفيسور حسن مكي الى تطور مهم وهو التغيير في موقف الادارة الامريكية، مشددا على وجود تغييرات في مواقف الدول الكبرى في محاولة للحاق بقضية اصبحت تبدو وكأنها خاسرة.