الأحد، 31 مايو 2009

مبعوثو العالم يتحدون

مبعوثو العالم يتحدون
الخرطوم و المؤتمر الدولي وجها لوجه

تقرير : التقي محمد عثمان

اجتمع قبل يومين المبعوثون للسودان من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن اضافة الى مبعوث الاتحاد الاوروبي بحضور الوسيط المشترك للاتحاد الافريقي والامم المتحدة، واصدروا بيانا اكدوا فيه دعمهم القوي للعملية السياسية بقيادة الاتحاد الافريقي والامم المتحدة بشأن دارفور مشددين على التزامهم بتسهيل هذه العملية بكل السبل المتاحة.
ولا جرم في ان يجتمع الناس للمساهمة في حل معضلة تطاول ليلها، ولا مندوحة في ان تتداعى الامم بالسهر على المؤرقين من ابناء دارفور، الا ان السؤال الذي يتبادر هو: هل يمثل هذا الاجتماع اول الخطوات في الطريق نحو المؤتمر الدولي حول دارفور الذي اندلع الحديث عنه مطلع مارس الماضي وخبا.
ونشير الى ان الخرطوم رفضت دعوة مصر لعقد مؤتمر دولي ابان زيارة وزير الخارجية ومدير المخابرات ـ المصريين ـ في مارس الماضي، واكد وزير الدولة بوزارة الخارجية السودانية علي كرتى وقتها ان الحكومة السودانية تستغرب هذه الدعوة التى تمت دون تشاور وتنسيق مع السودان، قائلا انه لا سبيل لعقد مثل هذه المؤتمرات لانها سوف تقود الى تدويل قضية السودان.. وقال كرتى ان السودان يقوم بالتنسيق الكامل مع الاتحاد الافريقى وجامعة الدول العربية ولا يتحرك بمعزل عنهما،
مما اضطر معه وزير الخارجية المصري احمد أبو الغيط وهو بالمطار مغادرا الخرطوم ان ينفي بشدة أن تكون فكرة المؤتمر الدولي حول دارفور فكرة مصرية، وقال إنها جاءت في قرار صادر عن مجلس الجامعة العربية في 19 يوليو (تموز) 2008. وأضاف أن الجامعة العربية طرحت هذه الفكرة بدعم وتأييد ومبادرة من مصر.
وفي ما يشبه السجال قطع كرتي بأن ما يجري في الدوحة بين حكومته وحركة العدل والمساواة من مفاوضات لحل الأزمة في الإقليم هو تفسير لما كانت قد دعت إليه الجامعة العربية والحديث عن أي منبر آخر شيء جديد باعتبار أن ما تم الاتفاق عليه في الجامعة العربية هو مشاركة إقليمية ودولية تحت السيطرة وليست دعوات لدول بعينها بريطانيا، وأميركا وفرنسا، التي يمكن أن تقرر في مسائل لا ترضى بها الحكومة السودانية، وقال إن ما تم في الدوحة تم برعاية «6» من الدول من بينها مصر، ليبيا، سورية، السعودية وقطر وبمشاركة الاتحاد الأفريقي والوسيط الدولي، (أما أي حديث آخر عن دول بعينها فقد أوضحنا رأينا فيه).
ويقدر مراقبون اجتماع المبعوثين يصب في خانة فكرة المؤتمر الدولي التي طرحها المصريون بايعاز من جهات اخرى، ويقولون ان ما يقره المبعوثون لن يتجاوزه احد سواء كان في المحيط الاقليمي او الداخلي _ حكومة وحركات مسلحة _ وحين اتوجه امس بالسؤال للبروفيسور حسن مكي حول الاجتماع الذي جرى وما اذا كان مقدمة للمؤتمر الدولي يقول عبر الهاتف، انه ابن عم المؤتمر الدولي، بينما يقول الدكتور آدم محمد أحمد عبد الله ـ عميد كلية العلوم السياسية ـ جامعة الزعيم الازهري ان الاجتماع الحالي دعم للتفاوض اكثر مما هو مرتبط بمسألة المحكمة الجنائية الدولية، مشيرا الى ان المبعوثين يتحركون في اتجاهين الاول دعم المفاوضات الحالية بين العدل والحكومة، والثاني اقناع الحركات الاخرى بجدية الحل والجلوس الى طاولة المفاوضات، منبها الى انهم يمثلون الجهات المعنية بحل مشكلة دارفور، والتي لها اثر على الحكومة والحركات المسلحة، ويقول ان اجتماعهم يعني تسريع خطى المبادرة القطرية، ويعني جلب الحركات الرافضة خاصة حركة عبد الواحد لطاولة المفاوضات.
ومن جهته كان الكاتب والمحلل السياسي الدكتور خالد التجاني النور قد ذهب في مقاله الاسبوعي ان اجتماع خمسة زائد اثنين بالدوحة يشير إلى أن بناء تحالف دولي حول دارفور بدأ بالفعل، والتحالف المقصود هنا هو جر الدول التي ظلت تدعم الخرطوم, وهي الصين وروسيا والدول العربية والإفريقية إلى جانب الحلف المشكل من واشنطن، لندن وباريس، وبروكسل عاصمة الاتحاد الأوروبي. وينبه التجاني الى ان الخرطوم قد تفيق على وقع تحالف دولي جديد يتشكل بمنآى عنها لتجد أن واشنطن سحبت أصدقائها التقليديين لصالح موقف جديد سيشكل عنصر ضغط قوي على الخرطوم.
ولكن البروف مكي يرى ان هناك تغييرا في الموقف الدولي عموما، قائلا ان المجتمع الدولي بدأ يكتشف وجود اطراف محلية ودولية تؤثر في المسألة برمتها، ان معركة دارفور تكسب في النقاط وليس بالضربة القاضية.
مشيرا الى ان فرنسا _ التي كانت اللاعب الاساسي ضد السودان اصبح موقفها ضعيفا في المعادلة الدولية، ويتوقف مكي عند ثلاث محطات تؤشر الى ضعف الموقف الفرنسي اولها الوضع في تشاد الذي لم يعد في صالحها وثانيها الانتخابات في لبنان، حيث ظل صوت فرنسا الاعلى، وتدعم قوة من الدرجة الثالثة، بينما تقول الوقائع ان ايران ستكون ذات موقف اقوى في لبنان بوجود القوى المتفوقة وهي متعاطفة مع السودان، وثالثها موقف تركيا المتعاطف مع السودان، الذي لم يؤخذ في الاعتبار على نحو جيد مشيرا الى مواقف فرنسا ضد تركيا في الاتحاد الاوربي وتوليها قضية ارمينيا، حيث مذابح الارمن تشبه الموصوف بها السودان في دارفور..
وينبه البروفيسور حسن مكي الى تطور مهم وهو التغيير في موقف الادارة الامريكية، مشددا على وجود تغييرات في مواقف الدول الكبرى في محاولة للحاق بقضية اصبحت تبدو وكأنها خاسرة.











ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق