الخميس، 14 مايو 2009

سلطان عموم دار المساليت لـ الصحافة

سلطان عموم دار المساليت لـ الصحافة
# ما حدث للمساليت تصفية حسابات وليس ابادة جماعية
# السلام اولى من الانتخابات

لم نقترب في هذا الحوار من دائرة اشغال رئيس المجلس التشريعي لولاية غرب دارفور السلطان سعد عبد الرحمن بحر الدين، مفضلين افراده للصفة الاولى التي يحملها (سلطان عموم دار مساليت) لنتوقف في محطات مع قبيلة لها تاريخها وارثها وصولاتها وجولاتها، فضلا عن انها ظلت في دائرة الضوء منذ اشتعال النار في دارفور، وما ينبئك مثل حفيد السطان بحر الدين عن المساليت وسلطنتهم وعن الادارة الاهلية وعن السلام والانتخابات والابادة الجماعية وعن علاقة المساليت مع القبائل الاخرى ومع الاحزاب السياسية، فالرجل الذي يتسنم قياد قبيلة المساليت بالاستحقاق الانتخابي الموروث يتسلح بالمعرفة اللازمة لتقديم الاضاءة اللازمة، هنا :



حوار : التقي محمد عثمان
تصوير : عصام عمر

@ لنتعرف اولا على مراكز ثقل القبيلة وامتداداتها؟
- قبيلة المساليت مركز ثقلها الاساسي الجنينة، ولديها امتدادات داخل وخارج السودان، في الداخل توجد في جنوب دارفور وجنوب كردفان، النيل الابيض، وفي الخرطوم ومركز الثقل الثاني في القضارف وبورتسودان، وهي ممتدة من أقصى غرب السودان الى شرقه، ولديها في القضارف دائرتان انتخابيتان مغلقتان، وفي جنوب دارفور دائرتان. وفي خارج السودان يوجدون في شرق تشاد على امتداد حدود سلطنة دار مساليت في البلدين، وفي آخر احصاء قبل 3- 4 سنوات كان عدد افرادها مليونان ونصف المليون..
@ هل هو عدد المساليت في البلدين؟
- الاحصاء يشمل السودان فقط.
@ وكيف هي العلاقة بين المساليت هنا وهناك؟
- العلاقة علاقة تداخل، واهلنا في تشاد يحتكمون لدينا في كثير من القضايا، ونحن على اتصال بهم، وتجد المسلاتي السوداني متزوجا هناك، والمسافة بين القرية والقرية تتراوح بين 5-6 كيلومترات.
@ ما قصة انقسام القبيلة الى شقين؟
- القبيلة لها تاريخها، وكثير من المؤرخين اغفلوه وكثير من كتاب المنطقة اهملوا هذا التاريخ، ونضالها ضد الاستعمار كبير جداً، والسلطنة دخلت مع الفرنسيين في ثلاث معارك وانتصروا عليهم في دروتي وكرنق وكجكجي، وبعدها عقدت اتفاقية 1919 «اتفاقية غلاني» التي بموجبها انضم الجزء الشرقي للسودان والغربي لتشاد، بعد ان تصدى المساليت لضم جزء من السودان لتشاد، حيث فضل السلطان بحر الدين الانضمام للسودان، وترك الجزء الغربي الآخر من السلطة كدية لقتلى الفرنسيين.
@ كيف تسير الحياة بين المساليت ومساكنيهم في دارهم؟
- تشارك هذه القبيلة عددا من القبائل في شكل الحكم، وكانت هناك مشاركة في ادارة السلطنة من كل القبائل، صحيح قد تكون هناك حروبا بين القبائل، ولكن الجانب الاجتماعي لم يتأثر لانه لا توجد مشاكل فعلية. والسلطنة بها اكثر من عشرين قبيلة على خلاف السلطنات الاخرى، ففي سلطنة دار مساليت يندر ان تجد مشكلات بين قبيلة وأخرى، وهذا يرجع لحكمة السلطان ولعدله بين الناس كافة، والتصدي وحسم الاشكالات أولاً بأول.
@ الحديث يدور الآن عن تأخر الادارة الاهلية وضعفها؟
- صحيح حدث تطور في الحكم، وهذا التطور لم يستصحب الادارة الاهلية إلا لمن اجتهد بنفسه، وهذا اولا بسبب ضعف الإدارة، والسبب الثاني أيلولة كثير من سلطات وصلاحيات الادارة الاهلية لأجهزة ومؤسسات جديدة، وبالتالي تقلص دور رجل الادارة الاهلية، وتبع هذا حل الإدارة الاهلية في عهد نميري 1971 الذي اثر على شكلها وسلطتها وهيبتها، إضافة الى ان بعض ابناء القبائل الذين اجتهدوا كثيرا وروجوا بأن الادارة لم تعد هي الجهة التي يناط بها حل المشاكل. ومجمل هذه العوامل اضعفت السلطة او قللت من مهام رجل الادارة الاهلية، ولكن ظل رجل الادارة الاهلية هو الاقدر على التصدي للمشكلات الخاصة بقبيلته والجدير بالتحدث باسمها ومجابهة أية مخاطر تحدق بالمنطقة أو بالسلطة، وهذا لا يعني ان كل الادارة الاهلية بهذا المستوى، فهناك ادارات الاستجابة لديها ضعيفة جداً من مواطنيها، وتنفيذ التوجيهات الصادرة عن الادارة ضعيف، وهذا شئ طبيعي لأن طبيعة الحياة هكذا، لأنه ليس بالامكان أن يكون كل رجال الادارة الاهلية يقومون بدورهم ومهامهم.
@ ما سر تماسك الادارة الاهلية في دار مساليت؟
- السبب المباشر لنجاح القيادة أو قبولها، التفاف ابناء هذه السلطنة حول رئاسة القبيلة وخاصة المثقفين، ووجود تفاكر وتشاور مستمر ما بين قيادة القبيلة وقيادات المجتمع الأخرى والمثقفين، مما ادى الى التفاف كافة مكونات القبيلة والقبائل التي معها للاستجابة لتوجيهات رئاسة القبيلة بشكل مقدر جداً، بالاضافة الى ارث السلطنة وتاريخها ووضعها وخصوصية تكوينها. فضلا عن ان امكانيات السلطنة تختلف عن بقية النظارات، مثلاً قصر السلطان وحاشيته يكون صغيراً جداً، والنظام الاداري يستوعب كافة مكونات المجتمع، والسلطنة لديها وجود في وجدان المساليت، سواء أكانوا موجودين في القضارف أو في النيل الازرق أو في أي مكان، وحتى حين حلت الادارة الاهلية لم تحل سلطنة المساليت، فالمساليت والشكرية الادارتان الوحيدتان في السودان اللتان كانتا مسؤولتين عن المال العام، والمرتبات وخلافه، وسجن السلطان موجود ومحكمته موجودة، ولم يغلق حتى الآن باب محكمة السلطان، وهي تعمل الآن وأنا قاضٍ من الدرجة الأولى تُحال اليَّ محاكمات من القضاء، إضافة الى انني استدعى من اشاء حين تقدم لي مظلمة.
@ من اين اتت هذه الخصوصية؟
- لدينا خصوصية من واقع اننا فرضنا انفسنا بالارث والنصر للسلطة والاعمال التي تقوم بها. وستستمر هذه الخصوصية لأننا نطور من أنفسنا ومن شكل تعاملنا مع الآخرين، ونستجيب للتطور الذي يحدث من حولنا.
@ ماذا عن امكانية عودة الادارة الاهلية الى سابق عهدها؟
- هي اصلاً موجودة، والاستفادة منها تتم عبر اكتساب الادارة الثقة بنفسها، بالتمكين في السلطة، وعبر النظم الادارية التي تتيح لها التحكم في ما يليها من السلطة، وقديماً كانت لدى الادارة الأهلية سلطة الاعتقال والاستجواب والتوقيف بنص القانون، وهذه اصبحت غير موجودة، وهناك سلطات ادارية لم تعد موجودة، واذا اعيدت هذه المعينات لرجل الادارة الاهلية التي منحت لمؤسسات اخرى سيساهم هذا في الاستتباب الامني واستقرار المواطنين وسيعين الحكومة بشكل جيد جداً.
@ هل تقترح وضع تشريع جديد لتفعيل الادارة الاهلية؟
- هذه المسألة ممكنة جداً، لأن الإدارة الاهلية اصبحت متطورة ومواكبة للأحداث السياسية والثقافية والرياضية، ولم يعد رجل الادارة هو ذلك الرجل التقليدي، وتطور مع التطور الحادث. وبالتالي أية تشريعات تقنن من سلطانه وصلاحياته وتوفق اوضاعه هي مفيدة في المرحلة القادمة.
@ الى أي حد يمكن ان تسهم الادارة الاهلية في حل ازمة دارفور الماثلة الآن؟
- أنا متأكد انها ستسهم بشكل فعَّال في حل ازمة دارفور باستثناء الجانب السياسي الموجود فيها، وكثير من الادارات الاهلية لديها قبول عند المتمردين، يسمعون كلامهم وعلى اتصال بهم، وبالتالي اذا اشركت الادارة الاهلية لتكون الوسيط بين حملة السلاح والدولة سيكون ذلك اجدى، ونحن في السلطنة استطعنا ان نعيد عددا مقدرا جداً من أبناء السلطنة والقبيلة الى ارض الوطن، مثال لذلك حركة القوى الشعبية وحركة القائد عبد الكريم كسنجر، وهم منذ ثلاث سنوات يقيمون في بيتي «حوش السلطان».
@ كيف تنظر الى تحفظ البعض في كون الادارة الاهلية نفسها اصبحت جزءا من الصراع وانها لم تعد محايدة؟
- هؤلاء أفراد في الحركات ولديهم رأى في الادارة الاهلية. وحتى الآن لم نشعر بوجود حركة لديها رأى في الادارة الاهلية، وعندنا في دار مساليبت الوضع مختلف تماماً عنه في بقية دارفور.
@ ايهما يأخذ الاولوية من وجهة نظرك قيام الانتخابات ام تحقيق السلام؟
- كل الناس في دارفور يتطلعون الى الانتخابات القادمة وينشدون السلام، والسلام عندنا مقدم ومن اولويات شعب دارفور، وشعب السودان في دارفور، لأن السلام هو استقرار، واذا لم يحدث استقرار قد لا يشارك عدد كبير من الناس، ولدينا الآن مبادرات مقدمة من الدولة ومن قطر والاتحاد الافريقي. وفي تقديري ان هناك خطوات جيدة. وليس من المنطقي ان يتم توقيع سلام الآن والدخول في الانتخابات بعد فترة قصيرة. فالسلام أولى لأن هناك نزوحا واضطرابا أمنيا ومعسكرات ولاجئين، والسلام يزيل كل هذا وسيحقق استقرار الاوضاع .
@ كما تعلم فقد تحدثت محكمة الجنايات الدولية عن ابادة جماعية تعرض لها المساليت، ما هي حقيقة الأمر عندك؟
- الابادة غير موجودة، وأنا لم أغادر دارفور منذ الحرب ولو لعشرة ايام، صحيح حصل اضطراب وفوضى وتصفية حسابات من بعض القبائل في بداية الاحداث، ونتج منها حرق قرى ونزوح واحتماء بالمناطق التي توجد فيها الدولة. اما امر الابادة الجماعية فهو كلام سياسي قصدت به تصفية حسابات سياسية وتفكيك وحدة السودان، وهذا ليس معناه عدم وجود خسائر ولكن لا توجد ابادة للمساليت.
@ كثر الحديث عن تسييس القبائل ، ماذا عن علاقة سلطنة المساليت بالاحزاب؟
- علاقة السلطنة بالأحزاب السياسية علاقة جيدة جداً ومتوازنة، وهذه العلاقة موروثة من قديم الزمان، وكل القادة السياسيين الذين يزورون الجنينة هم ضيوف لدى السلطان، وينزلون في قصره. وكل قادة الأحزاب استضفناهم، ومتى وصلت الخرطوم تقدم لي دعوات منهم، سواء أكانت من المهدي، الميرغني، انصار السنة، أحمد المهدي أو غيرهم، واستجيب لها واجلس معهم، والعلاقة بين السلطنة والاحزاب جيدة، والقاعدة أن السلطان لا يناوئ أي حزب أو أية افكار، ويترك الحرية لرعاياه للاختيار، وبما لا يتنافى مع المصلحة العامة.
@ قبل فترة اطلقت مبادرة بغرض احداث اختراق على ارض الواقع ماذا جرى فيها، واين هي الآن؟
- اطلقت مبادرة جمع الصف الوطني، واهم عناصرها عودة النازحين واللاجئين واعادة أبناء السلطنة الذين هم بالحركات المسلحة، وتوحيد الكلمة الداخلية للقبائل بالسلطنة، واتينا بهذه المبادرة الى المركز وعرضناها على اللجنة المسؤولة عن متطلبات السلام في غرب دارفور التي يرأسها الحاج عطا المنان، ووجدت استجابة وقتها، ولكنها أصبحت الآن حبيسة الادراج. ونسأل الله أن يفك اسرها لأننا هيأنا عشر قرى كبيرة بالتمام والكمال للعودة وقلصناها الى ثلاث قرى بطلب من اللجنة بالخرطوم، وللأسف الشديد لم يعد لها أحد حتى الآن عدا قرية سرف جداد التي انتشرت فيها القوات المسلحة، وبها عدد قليل من الناس. ونأمل ان يعود كل اهل هذه القرية الكبيرة ذات الموقع الاستراتيجي.
@ اثارت زيارتكم على رأس وفد من القبيلة للدكتور الترابي جدلا وقال البعض انكم قدمتم بيعة واعلنتم فيها انضمامكم للمؤتمر الشعبي ؟
- هذه شائعة أطلقها افراد هدفهم معروف من قبائل تجاورنا، والزيارة كانت عادية جداً، ولم تتم فيها بيعة للترابي. وأنا عندي بيعة لرئيس الجمهورية، ولا توجد حاجة اسمها بيعتان، وأنا ولائي للمؤتمر الوطني.
@ هل يؤثر انتسابك للمؤتمر الوطني على انتماء الآخرين في القبيلة لأحزاب أخرى؟
- انتمائي للمؤتمر الوطني لا يؤثر على انتماء الآخرين، ففي حكومة الوحدة الوطنية الآن لدى أربعة وزراء بانتماءات مختلفة، واقابلهم واتشاور معهم في أمور القبيلة بدون تفضيل لأحد على آخر في ما يخص المنطقة والسلطنة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق