الخميس، 14 مايو 2009

من كان محايداً فليرمها بحجر

المفوضية القومية للانتخابات
من كان محايداً فليرمها بحجر


تقرير : التقي محمد عثمان

هنا اذاً بوادر معافرة جديدة ، فقانون الانتخابات القومية لسنة 2008 نص على (تنشأ خلال شهر واحد من تاريخ صدور هذا القانون مفوضية تسمى (المفوضية القومية للانتخابات) تكون لها شخصية اعتبارية وخاتم عام ) وان تتكون المفوضية من تسعة اعضاء (من المشهود لهم بالاستقلالية والكفاءة وعدم الانتماء الحزبي والتجرد) مما يعني انه ما ان يجاز القانون حتى تبدأ المجادلة القاسية حول اعضاء المفوضية وانتماءاتهم الحزبية من عدمها ، ومن يرشح من ، ومن بعد ذلك سيدور اللغط حول نزاهة الانتخابات منذ الآن.
ابتداءً هل يجوز الحديث عن الاستقلالية وعدم الانتماء الحزبي في ظل استقطاب حاد جدا تشهده البلد ، واذا جاز وتم النص عليه في شروط عضوية المفوضية ، اهو مطلب سهل التحقق ، وهل يمكن ان يكون هناك محايدون في وطن هو التنوع على شأفة الاحتراب يتمثل ذلك في احزاب تتأبط الشر لبعضها وحركات تتمنطق بالسلاح ، وكيف السبيل الى التعامل مع النص على الاستقلالية اذا كانت كلمات مثل الشفافية والتحول الديمقراطي رغم ما فيها من حيدة الا انها في الحقيقة عند استخدامها تخدم طرفا ضد طرف ، محمد سيداحمد عتيق القيادي بالتجمع الوطني الديمقراطي يقول (لا افهم ان يكون هناك انسانا محايدا ) موضحا في حديث مباشر معه امس ان (المحايد هو في اقصى حد من يريد ان يحافظ على الواقع القائم كما هو وايضا في هذه الحالة فهو ليس محايدا لأن الواقع الراهن له مصالحه وقواه المستفيدة منه ) مؤكدا ان الحياد شئ مستحيل مشيراً الى ان الحياة السياسية في تاريخنا الوطني العام في القطاع الفئوي ، الطلاب وغيرهم ، كثيرا ما تم فيها خداع تحت مسمى المحايدين والمستقلين والشخصيات الوطنية وكلها كانت مخالب قط لهذه القوى او تلك.
عضو المفوضية القومية للمراجعة الدستورية فاروق ابو عيسى يقر بصعوبة توافر هذه المواصفات بالدقة المطلوبة في العدد المطلوب مع شرط ان يكون عندهم استعداد للعمل في المفوضية مع كثرة اعبائها ، مؤكداً (ما في زول ما عندو مزاج حزبي) مشدداً على انه (امر صعب جدا الوصول الى هذه الشخصيات) وتتجلى المفارقة هنا في ان مشروع القانون نص على ( يجوز لرئاسة الجمهورية بقرار منها عزل رئيس المفوضية او نائبه او أي من الاعضاء لاي من الاسباب الاتية :
(أ) الانتماء الحزبي او عدم الكفاءة فيما يتعلق باختصاصات المفوضية وسلطاتها واجراءاتها على ان يتم تقدير ذلك عن طريق لجنة يشكلها رئيس المحكمة بناء على طلب من رئيس المفوضية بموافقة ثلثي اعضائها من قضاة لا تقل درجتهم عن قاضي محكمة عليا ويرفع رئيس المفوضية قرار اللجنة المذكورة لرئاسة الجمهورية) مما يجعل التساؤل الذي طرحه عتيق مشروعا حين قال ( هذه مسائل سياسية ، سواء المراجعة الدستورية او الانتخابات ، هذه قضايا صراع سياسي فكيف تأتي بمحايد لينظم صراعا سياسيا بين احزاب ) وبالتالي ينفتح الباب امام التساؤل حول القسم الذي يؤديه اعضاء المفوضية امام رئيس الجمهورية :
(انا............. بوصفي عضوا في المفوضية القومية للانتخابات اقسم بالله العظيم ان اؤدي واجباتي ومسؤولياتي بامانة وتجرد واستقلال تام دون ادنى محاباة او تحيز لاية جهة وان التزم بالدستور والقانون والله على ما اقول شهيد/ وان يوفقني الله) فاذا كان الشخص محايدا كيف ستحاسبه واذا ارتكب اخطاء اليس مطلوبا ان يكون ممثلا لجهة حتى تسأل هذه الجهة ، محمد سيداحمد عتيق يقول ( المفروض ان يكون هناك مزج بين ذوي الخبرة والانتماء السياسي بدلا من البحث عن شئ هلامي اسمه المحايد او المستقل ، فالخبير بشكل اكاديمي مجرد مكانه قاعات البحث والتدريس وليس ساحات الصراع السياسي المتحرك والحي )
الآن يلوح العراك القادم اذ كيف يمكن ارضاء كل الوان الطيف السياسي باناس مسيسين ، ابو عيسى يقول لي عبر الهاتف امس (يمكن الاتفاق على شخصيات عرفت بالاستقامة وقوة الشخصية وعدم الانقياد وراء هذا او ذاك مع توافر ضمير وطني يميز بين الغث والسمين والمفيد والمضر وان لا يتبع الهوى وان لا ينحاز ويلتزم بنصوص القانون) بينما يذهب عتيق الى ( اذا كان هناك خبراء في مجال الانتخابات وقوانينها المنظمة وفي نفس الوقت لهم ادوار سياسية قاموا بها او ما زالوا يلعبونها ومحل اجماع ، هؤلاء الخبراء السياسيين هم المناسبين والمقنعين كقيادة لمعركة الانتخابات ويمكن ان تتراضى عليهم القوى السياسية)
ولكن هل الوصول لاتفاق سهل اذا كانت عملية التحول الديمقراطي وتداول السلطة واختيار الادارة السياسية للبلاد لما تبقى من فترة انتقالية تنتهي باستفتاء حول تقرير المصير للجنوب ما زالت تواجه مصاعب جمة ، ابوعيسى يقول ( مع احترامنا الكامل لنص المادة 58 من الدستور والتي اعطت رئيس الجمهورية بموافقة النائب الاول وثلثي اعضاء المجلس الوطني الا اننا نرى انه من الواجب والضروري لجعل الكل راض عن الانتخابات وقابل لنتائجها ان تتشاور رئاسة الجمهورية مع القوى السياسية في اختيار اعضاء المفوضية خاصة ان المؤتمر الوطني قد قبل شرط التشاور مع القوى السياسية في اتفاق التراضي الوطني مع حزب الامة الشيء الذي يسهل قبول مطلبنا في رأينا، وبما ان مهمة هذه المفوضية مركزية وكبيرة وبما انها هي الجهة التي ستنظم وتقود الانتخابات في كل انحاء السودان في هذه الظروف السياسية المعقدة وبما ان عملية الانتخابات مفصلية في تسهيل الوصول الى اتفاق يمكن اللجؤ الى مقترح كان تقدم به حزب الامة ابان حواره مع المؤتمر الوطني، اقترح ان الكتل السياسية في السودان ثلاث الاولى المؤتمر واحزاب التوالي والثانيةالحركة الشعبية واحزاب الجنوب والثالثة لجنة الاحزاب لقوانين التحول الديمقراطي وكل كتلة تقدم ثلاثة مرشحين يتوخى فيهم المواصفات التي اشترطها القانون على ان تكون واحدة من الثلاثة امرأة حتى نضمن تمثيل المرأة وهو اقتراح لا بأس به)







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق