الأربعاء، 13 مايو 2009

الوحدة والانفصال .. أرقٌ على ارقٍ

الوحدة والانفصال .. أرقٌ على ارقٍ


تقرير : التقي محمد عثمان




في الوقت الذي يتفاءل فيه الناس خيرا ويمنون انفسهم الاماني بتنفيذ ما تبقى من اتفاق السلام الشامل وبالتالي انجاز مطلوبات التعافي الوطني وتطبيع الحياة الساسية في السودان، ارتفعت مجددا نبرة الحديث عن الوحدة والانفصال، ورغم ان حق تقرير المصير مكفول للجنوبيين ومنصوص عليه في كل المواثيق التي تداعت لها القوى الساسية السودانية من لدن مقررات اسمرا وحتى اتفاق نيفاشا الا ان الظنون الحسنة ذهبت بالناس كل مذهب في الحفاظ على وطن حدادي مدادي لا تبنيهو الفردانية.
وبحسب ملاحظة رئيس مفوضية التقويم والتقدير لاتفاقية السلام الشامل دريك بلمبلي فان الترابط بين الشمال والجنوب في السودان بديهي، فيما يتعلق بالموارد او الاقامة والمواطنة وحركة الناس على سبيل المثال وسوف تكون هناك حاجة لشراكة قوية ومستقرة لضمان تمديد الفوائد التي اتاحتها اتفاقية السلام الشامل الى ما بعد عام 2011م.
ومع ذلك فان التشبيه الذي ساقه نائب رئيس المجلس الوطني القيادي بالحركة الشعبية اتيم قرنق يبعث على الشك في احتمال ترجيح الوحدة، اذ قال لصحيفة الشرق الاوسط قبل يومين ان حال السلطة المركزية في الخرطوم اشبه بزوج مقترن بأربع، كان على خلاف مع إحداهن، وهي الجنوبية فطلبت الطلاق، إلا أن المحكمة رجتها الانتظار لمدة 6 أشهر لمزيد من التفكير من أجل وحدة الأسرة الكبيرة. إلا أن هذا الزوج عقب هذا الحكم بدأ في إساءة معاملة زوجته الغربية وضربها. ما يؤكد، وفقاً لرؤية قرنق، أنه وعند انتهاء فترة الستة أشهر، فإن الزوجة الجنوبية ستصر على الطلاق، قائلا دون مواراة أن الأوضاع السياسية في السودان لا تدعو للتفاؤل .
واشعل الامر ما تفوه به اندرو ناتسيوس، المبعوث الاميركي السابق خلال ندوة نظمت في جامعة جورج تاون في واشنطن، من أن هدف الولايات المتحدة والمجتمع الدولي هو فصل الجنوب سلمياً عام 2011 (موعد تنظيم الاستفتاء)، مما اضطر معه شريك الحكم المؤتمر الوطني الى رفضه القاطع لتصريحات المبعوث الامريكي السابق حول ما وصفه بتخطيط بلاده لفصل جنوب السودان سلمياً، ووصف د. محمد مندور المهدى الامين السياسي للمؤتمر الوطني فى تصريحات صحفية اول امس حديث ناتسيوس بأنه غير موضوعي. وقال: لا ينبغي ان يتحدث الناس عن انتظار الانفصال ثم بعد ذلك النظر لحل المشكلة القائمة في دارفور. وأكد مندور أن المؤتمر مع وحدة السودان وسيعمل على ذلك، واشار الى ان كثيراً من الدول الغربية تعمل على أن ينفصل الجنوب، وقال ان هذا التوجه يعبر عن تخطيط الدوائر الصهيونية الموجودة على مستوى الغرب التى تشكل ضغوطاً على الاجهزة المختصة.
ولكن الامين العام للحركة الشعبية باقان اموم الذي تحدث في وقت سابق عن أن أكثر من 90% سيصوتون لصالح الانفصال عند الاستفتاء، يضع تفسيرا آخر للمسألة حيث كان قال ان «كل الظروف الراهنة تجعل الجنوبيين يفكرون في الانفصال لانهم يعاملون حتى الآن كمواطنين من الدرجة الثانية).
من جهته يقول بلمبلي ان اي شخص مطلع على مشاعر الرأى العام في الجنوب يعلم ان التصويت لصالح الانفصال هو احتمال وارد ولكن سيكون من الخطأ الاستنتاج بأن هذا سيبطل الحاجة الى الشراكة من اجل الوحدة، ويقول بلمبلي في المحاضرة التي قدمها قبل يومين بعنوان « اتفاقية السلام الشامل ــ شراكة أساسية» ان حق شعب الجنوب في تقرير المصير على النحو المنصوص عليه في الاتفاقية غير مشروط، داعيا الى ان نسعى دون كلل لجعل الوحدة جاذبة (ولكن الخيار لهم) مشيرا الى ان كثيرا من البلدان عاشت مع حالات مماثلة (والمملكة المتحدة اليوم ليست المملكة المتحدة لعام 1909 او حتى عام 1999م الجزر البريطانية الآن تشمل دولتين تتمتعان بالسيادة وداخل المملكة المتحدة لدينا ثلاثة ادارات ذات سلطة مخولة) مضيفا (دعونا نعمل من اجل الوحدة ولكن ايضاً ان نحرص على ضمان استمرار الشراكة والاعتماد المتبادل والسلام مهما حدث).
اتيم قرنق ينصح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» حتى لا ينتهي الوضع بالطلاق، أن يسارع الزوج بمصالحة زوجته الغربية من أجل إقناع الجنوبية بأن هذه الأسرة الكبيرة يسودها سلام واستقرار ومحبة، اما باقان اموم فيقول انه وفي حالة الانفصال فان البلدين لا بد ان يرتبطا بعلاقات وطيدة، معتبراً ان الانفصال يعني فقط ان تكون لديك حدود جديدة وتدفع الرسوم الجمركية وتنتقل بواسطة جوازات سفر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق