الخميس، 14 مايو 2009

( البتبلبل بيعوم )

الحكومة ترفع السقف الى الاعلى .. ( البتبلبل بيعوم )


بعد ان كانت الحكومة تتحدث عن أن قرار توقيف البشير ستكون له آثار مدمرة وكارثية على الأوضاع في السودان وعلى عملية السلام في الجنوب ودارفور، وتدعو لتحاشي هذه الآثار بتأجيل القرار - عبر الاصدقاء والاشقاء - لمدة عام حتى يتم تحسين الاوضاع على الارض واشاعة السلام في ربوع دارفور، رفعت الآن سقوفاتها الى الحد الاعلى وادرجت في مقدمتها فضح المحكمة الجنائية الدولية والغاء وجودها تماما .
فبعد ان اعلن نائب الرئيس علي عثمان محمد طه في مساء الرابع من مارس يوم صدور قرار التوقيف ان المعركة القادمة مكانها مجلس الامن وان الحكومة ستسعى لمكافحة القرار بكافة الوسائل السياسية و الديبلوماسية، قالت وزارة الخارجية في السادس من مارس إنها شرعت في التحرك للتعامل مع قرار المحكمة الجنائية الدولية عبر 3 محاور بطرق مباشرة وغير مباشرة، وأضح الناطق الرسمي للوازارة أن الأول يمثل تحركا مباشرا، تتولاه وزارة الخارجية مع دول قال إنها منتقاة من الدول الغربية «ذات ثأثير» في تداعيات الأزمة بين السودان والمحكمة الجنائية، و المحور الثاني يتمثل في تحرك غير مباشر لدعم جهود «كل من روسيا والصين ودول أخرى» تسعى إلى الحصول على تأجيل للقرار من داخل مجلس الأمن، والمحور الثالث يصب في اتجاه دعم جهود الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي لإعمال المادة 16 من ميثاق روما لتأجيل القرار لمدة عام على الأقل لإتاحة الفرصة لإنهاء الأزمة برمتها عبر السلام الشامل في الإقليم.
اما الآن فإن الوضع صار مختلفا، فقد قال مستشار الرئيس مصطفى عثمان اسماعيل ، فى تصريحات له اول امس، ان الحكومة حددت سقفا اعلى لتحركاتها يستهدف سحب القرار من المحكمة، واعادته الى مجلس الامن الذى احال عليها ملف دارفور ،وفضح المحكمة والغاء وجودها باعتبارها عنصرية ومسيسة تستهدف الافارقة ودول العالم الثالث.
والواضح من ذلك ان الحكومة اصبحت تراهن على هذا الاتجاه، بعد ان اعيتها السبل في ايقاف القرار قبل صدوره واحساسها ان من يقف وراءه لن يرعوي في الاستمرار فيه، يعزز من ذلك ماكان قال به نائب الرئيس علي عثمان في حديثه لمجلة المصور المصرية الاسبوع الماضي حول ما ستشهده المرحلة المقبلة والسيناريوهات التي ستسير عليها الحكومة ، محددا السيناريو الأول في ترتيب التعامل مع مجلس الأمن من خلال الإتصال بكل دول المجلس الدائمة خاصة الصين وروسيا وغير الدائمة العضوية لتعزيز الموقف السوداني حتى يتم إجهاض هذا الأمر أما السينايو الثاني فهو توسيع دائرة التفهم لموقف السودان والمساندة له من خلال حملة مرتبة ومدروسة لمواجهة الضغوط الدولية غير المبررة ، وفي ذات السياق طالب متحدثون في ورشة عمل حول «المحكمة الجنائية ومناهضة مبادئ القانون الدولي» ، اقيمت بمباني وزارة الخارجية قبل ايام، بتبني حملة افريقية وعالمية بالتنسيق بين وزارتي العدل والخارجية لنقل المعركة الداخلية الى معركة دولية، وخلق ارادة سياسية مدفوعة بجبهة قومية متماسكة للخروج من الازمة الراهنة.
وفي توضيحه لسقوفات الحكومة الجديدة ذكر الدكتور مصطفى عثمان ان الحد الادنى الذي تسعى اليه هو عقد قمة افريقية استثنائية يقرر فيها الزعماء سحب عضوية الدول الافريقية التى صادقت على ميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية،واستصدار قرار من القمة العربية المقبلة فى الدوحة برفض تنفيذ قرار المحكمة بتوقيف البشير.
وقال ، ان الدبلوماسية السودانية ستحقق اختراقات فى اميركا اللاتينية واوروبا ،بعدما وجدت مساندة من روسيا والصين فى مواقفهما تجاه قضايا البلاد.
وأول ما يتبادر الى الذهن السؤال حول امكانية تحقيق هذا الهدف المعلن ، السؤال الذي يجيب عليه الدكتور عبدالرحمن ابوخريس استاذ العلوم الساسية بمركز العلوم الدبلوماسية بالقول ان هذا عمل يتطلب مجهودا كبيرا من الدبلوماسية السودانية وان تكون هناك ترتيبات كبيرة لتحقيق هذا الهدف، ويجيب عليه الخبير القانوني الدكتور خالد حسين بالجزم ان درجة النجاح في هذا المسعى عالية جدا، فبينما يشترط ابوخريس في تقديري ان الحكومة استفادت من مجمل الاوضاع ولم تسعى باعلانها لكسب الاعلامي وتعاملت مع الامر بالجدية اللازمة، ووضعت الامر في مراحل وبتريبات معينة قد يأتي ذلك بالثمار المرجوة، مشددا على ان هذا الاجراء لن يتحقق الا باجماع كثير من الدول الافريقية والعربية على سحب عضويتها من المحكمة ويلمح ابو خريس الي احتمال حصول الحكومة علي ضوء اخضر من دول كبرى، مشترطا ايضا استطاعة المؤتمر الوطني تحقيق توافق مع الحركة الشعبية والاستفادة من علاقاتها مع دول غربية وافريقية اضافة الى اجماع الجبهة الداخلية، يذهب خالد حسين في حديثه مع الـ صحافة عبر الهاتف امس الى ان السودان سينجح في سحب عضوية الدول الاعضاء في المحكمة اذا قرأنا تصريحات القادة الداعمين للسودان ، مؤكدا ان كل دول افريقيا وآسيا (المؤتمر الاسلامي) اضافة الى امريكا الجنوبية وروسيا والصين تقف مع الحكومة، موضحا ان دعمهم للسودان من واقع خوفهم على رؤوسهم، وسيكونون عرضة لتطبيق قانون المحكمة عليهم، وهو موقف لأنفسهم، وسيمضون في هذا الاتجاه الى أبعد مدى، مضيفا (هم يعتقدون ان السودان يستطيع أن يقاوم الضغوط بشخصية الرئيس القوية وسنده الشعبي الكبير).والى ذلك يذهب الدكتور أمين حسن عمر في برنامج مؤتمر اذاعي الجمعة الماضية حيث يقول انكل أفريقيا تشعر بالتهديد أكثر لأن اي دولة مصادقة على هذه الاتفاقية فهي عرضة لاستخدام هذه الآلية ضدها مشيرا الى أن الاتحاد الأفريقي هو أقوى مؤسسة أقوى من الجامعة العربية الجامعة التي هي صلة بين دول لكن الاتحاد الأفريقي اتحاد أقوى، مؤكدا ان الموقف الأفريقي من حيث التنظيم ومن حيث العلاقات أقوى من الموقف العربي والدبلوماسية الأفريقية دائماً أكثر ممانعة ضد المواقف الدولية والدبلوماسية العربية.
الا ان مراقبين يشيرون الى عقبات تواجه مسعى الحكومة ومنها ما يمكن ان تقوده الدول التي تدعم المحكمة علانية كفرنسا وبريطانيا ومن خلفهما الاتحاد الاوربي ، والتي تدعمها من وراء حجاب مثل امريكا ، اضافة الى مواقف بعض القوى الساسية المتفاوتة بين الرفض والقبول ، واهم المواقف التي يشيرون اليها موقف الحركة الشعبية الذي عبر عنه اول امس نائب رئيس الحركة والي النيل الازرق، مالك عقار، بمنتدى وزارة ديوان الحكم الاتحادي، من ان الحركة ما زالت تطالب بعدم الصدام مع المجتمع الدولي، معتبرا ان ذلك هو الطريق الامثل للخروج من الأزمة الحالية، وينبهون في السياق الى ما كانت القاهرة قد طرحته بعقد مؤتمر دولي من أجل حل الأزمة السودانية، يجمع كل الأطراف الدولية والإقليمية والسودانية المعنية مباشرة بالأزمة ، ويناقش كل جوانبها ليصل إلي حل شامل لكل القضايا المتعلقة بالسودان ، مع ضمانات من المجتمع الدولي والحكومة السودانية وحركات المعارضة بالالتزام بما يتم التوصل إليه من اتفاقات ، حيث تري مصر أنه لابد من حل سريع وشامل للأزمة السودانية ، وأن هذا الحل يعتمد علي فتح حوار جدي بين السودان والمجتمع الدولي للاتفاق علي أسس شاملة لحل الأزمة وبدء تنفيذها فورا ، لأن الحلول الجزئية للقضايا السودانية لم تعد مجدية ، وتؤدي أحيانا إلي تعقد الأزمة بدلا من حلها ، وهو حل لن يتم إلا بحوار جاد وصريح بين المجتمع الدولي والسودان ، خاصة أن المجتمع الدولي أصبح طرفا أساسيا في الأزمة السودانية.
ولكن الدكتور خالد حسين يذهب بعيدا، ومعضدا اقواله بالمواد القانونية يقترح ضرورة اضافة مطلب اقالة مدعي عام المحكمة اوكامبو ( للمخالفات القانونية وانصياعه الكامل لتحقيق اهداف تختلف عن هدف تحقيق العدالة) مشيرا الى انه حتى المتعاطفين مع المحكمة يعتقدون ان اوكامبو يجهض فكرة جميلة كانوا يحلمون وينادون بها وتحققت عبر انشاء المحكمة نتيجة انصياعه للدول العظمى التي تختلف أهدافها عن هدف تحقيق العدالة ، ليذهب الى القول ان المعركة مع الجنائية على أمرين الاول، حث الدول التي تقف مع االسودان على الانسحاب من المحكمة الجنائية ، مضيفا (في تقديري أنها ستقوم بهذا الأمر. لأنه يُبين لها أنه إذا تم تطبيق هذا القرار على السودان فسوف يُصبح ذلك سابقة دولية مسلطة على رؤساء كل دول العالم الثالث من غير استثناء)، والثاني، التركيز على إقالة المدعي العام أوكامبو (الذي وأد بتصرفاته غير المسئولة وغير القانونية هذه الفكرة النبيلة التي تحمس لها كل من يطمح في تحقيق العدالة في العالم)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق