الخميس، 14 مايو 2009

مفاوضات الدوحة .. ما زال الطريق وعرا ..!!

مفاوضات الدوحة .. ما زال الطريق وعرا ..!!


تقرير : التقي محمد عثمان


تعهدت الحكومة وحركة العدل والمساواة في الوثيقة التي تم التوقيع عليها في 17 فبراير الماضي بالاستمرار في محادثات السلام وابقاء ممثليهما في الدوحة من اجل اعداد اتفاق اطاري للمحادثات النهائي، واقر الطرفان في ما عرف باتفاق حسن النوايا وبناء الثقة باعطاء العملية السلمية الاولوية الاستراتيجية على ما سواها لتسوية الصراع في دارفور. وانهما سيعملان لأجل ابرام اتفاق اطاري في وقت مبكر يفضي الى اتفاق لوقف العدائيات ويضع الاسس للتفاوض حول القضايا التفصيلية اضافة الى تعهدهما باتباع الاتفاق الاطاري بمحادثات جادة تؤدي الى انهاء الصراع في اقصر وقت ممكن لا يتجاوز ثلاثة اشهر
الا ان عاديات الايام تأتي بما لا يشتهي السفن، اذ وما ان انقضى شهر وثلاثة ايام الا واعلنت حركة العدل والمساواة تعليق المشاركة في مفاوضات الدوحة مع الحكومة السودانية وقال رئيسها خليل إبراهيم في تصريحات صحفية إن الحركة لن تتوجه إلى محادثات الدوحة إلا إذا سمحت الحكومة السودانية لمنظمات الإغاثة المطرودة بالعودة إلى ممارسة نشاطها في البلاد ، واعلنت الحركة في بيان لها تعليق محادثات السلام مع الحكومة وعدم العودة إليها مشترطة تراجع الخرطوم عن قرارها القاضي بطرد المنظمات الإنسانية و السماح لها بالعودة و ممارسة نشاطها الإنساني الإغاثي وان تكفّ الخرطوم عن السودنة العجلى للعمل الإغاثي التي ستؤدي حتماً إلى تعطيل و تدمير العمل الإغاثي و تعريض حياة المواطنين المحتاجين إلى خطر محدق وان تنفّذ الخرطوم ما يليها من البند الخاص بتبادل الأسرى و اطلاق سراح كافة السجناء السياسيين في اتفاق الدوحة لحسن النوايا و بناء الثقة اضافة الى تكوين غرفة عمليات لمتابعة الأوضاع في معسكرات النزوح على مدار الساعة و تنوير المجتمع الدولي و كل الأطراف ذات الصلة بسير الأوضاع فيها.
وردت الحكومة بفتور، ورهنت تعاملها مع اعلان العدل والمساواة الانسحاب من مفاوضات الدوحة، بحصولها على رد من الوسيط القطري، وقللت من الخطوة باعتبار ان الحركة درجت على التلويح بها. وقال عضو الوفد الحكومي المفاوض، وزير الدولة بالثقافة والشباب والرياضة، امين حسن عمر لـ"الصحافة" امس، "هذا الكلام لا يعنينا.. مؤكدا ان الحكومة تتعامل مع الوسيط القطري، "وما يصدر عن الوساطة فقط هو ما يهمنا".
ويجئ هذا التطور في اعقاب اتفاق خمسة فصائل دارفورية الاثنين الماضي في لقاء جمعها بالعاصمة الليبية على ميثاق عمل للمشاركة بمحادثات الدوحة، وقع عليه كل من حركة جيش تحرير السودان (قيادة الوحدة) وجيش تحرير السودان برئاسة خميس عبد الله أبّكر وجبهة القوى الثورية المتحدة والعدل والمساواة (جناح إدريس أزرق ) وجيش تحرير السودان (وحدة جوبا) واتفق رؤساء هذه الحركات بموجب هذا الميثاق على أن الحل السلمي المتفاوض عليه هو أفضل الخيارات، مؤكدين التزامهم بالدخول في مفاوضات ذات طابع وموقف موحد يعبر عن القضايا العادلة لأهل دارفور وبالتعاون في المجالين السياسي والعسكري وصولاً للاندماج الكامل.
ويبدو ان اوراق المشهد كلها تختلط، حيث يرى البعض ان العدل والمساواة تردد كلمة حق وتريد بها باطلا ، ويرى آخرون ان الامر يتداخل فيه اتجاه محاولة توحيد الحركات الدارفورية وصراع المحاور العربية، ويرى البعض الأخير ان محادثات الدوحة اسست على باطل وما سينتج عنها كله باطل، وفي حديثه معي عبر الهاتف امس يقول عبد العزيز سام ان طرد المنظمات قولة حق اريد به باطل لان حركة العدل غير معنية بهذا الامر بالاساس (لان طردها لا يخص العدل والمساواة ويخص دارفور وهي تتفاوض في قضايا اخرى ليس من بينها الشأن الانساني وليست معنية به وحدها حتى تتذرع به لايقاف المفاوضات) ليعود ويقول ان طرد المنظمات خطأ يجب ان لا يقع ، (لانها تشتغل في اشياء مهنية ودورها لا تقوم به الحكومة ولا الحركات المسلحة) بينما يذهب الدكتور آدم محمد أحمد عبد الله نائب عميد كلية العلوم السياسية جامعة الزعيم الأزهري في غير هذا الاتجاه ويقرر ان طرد المنظمات مؤثر (لا اقول انها كلمة حق اريد بها باطل وانما فعلاً طرد المنظمات مؤثر على النازحين وربما يؤثر على المانحين)، متسائلا هل للحكومة امكانيات لاطعام هؤلاء الناس لسنوات طويلة حسبما تشير الحيثيات، ويقول الدكتور ادم في حديثه معي عبر الهاتف امس ان مقاطعة الدوحة تمت من الحركات المسلحة قبل العدل والمساواة فحركة عبد الواحد محمد نور دعت لايقاف المفاوضات لاسباب اخرى وليس بسبب طرد المنظمات واعلان خليل يقع في نفس اتجاه عبد الواحد مشيرا الى ان مفاوضات الدوحة من البداية كانت مع فصيل واحد و( لم يكن أمل كبير فيها) مؤكدا في ذات الوقت ان انسحاب خليل يعني ايقاف الدوحة .
من جهتها تصر الحكومة على ان للمنظمات المطرودة دور مشبوه وجدد الرئيس عمر البشير في حديث خاص لصحيفة 'الأسبوع المصرية امس عدم رغبة الحكومة في بقائها السودان وقال، قدمت هذه المنظمات معلومات كاذبة ومغلوطة حول حرب إبادة وجرائم حرب ترتكبها قوات الحكومة وبعض الميليشيات التي تدعمها كما يقولون (وهذه أكاذيب مفضوحة يكذبها الواقع في دارفور)، مشيرا الى ان هذه المنظمات قدمت إلي السودان لممارسة دور انساني في الاغاثة باتفاق مع حكومة السودان (وعندما تخرج هذه المنظمات عن دورها وتهدد الامن القومي للبلاد، فمن حقنا ان نطردها). ويمضي البشير الى القول (انني اقول إن طردهم يعني رسالة واضحة اتمني علي الغرب والامريكيين ان يستوعبوها، ونحن لن تخيفنا تهديداتهم ولا اعلامهم الكاذب والمزيف، بل اقول لكم هنا اننا مستعدون حتي لطرد السفراء اذا ما تعدوا مهمتهم الدبلوماسية، ذلك ان حساباتنا في السودان ليست إرضاء الآخر علي حساب أمننا وكرامتنا، بل ان العكس هو الصحيح، فكرامة السودان وامن السودان واستقرار السودان هي العناوين التي نستند إليها في قراراتنا، ولن تخيفنا تهديداتهم ولا ادعاءاتهم ولا اكاذيبهم)
والحال على هذا النحو من التضاد، ماذا عن تأثير توحد الحركات الخمس على مسار المفاوضات وما اذا كان سلبيا او ايجابيا، المستشار القانوني لحركة تحرير السودان جناح مناوي عبد العزيزسالم يقول حديثه مع الصحافة امس ان المفاوضات لا يمكن أن تكون مزاجية، مشيرا الى ان قطر منذ البداية دللت العدل والمساواة وأهملت الحركات التي لديها وجود في دارفور مؤكدا ان الحركات التي توحدت في ليبيا تسلك الطريق السليم، منبها الى ان توحد الحركات ازعج العدل الى حد الاحباط وازعجها ايضا انها لم تطلق سراح اسراها، مشددا على ان الوسيط اخطأ والحكومة السودانية اخطأت بتفاوضها مع العدل والمساواة التي لا يوجد فرد منها في السودان (وهي حركة تأتي من خلف الحدود وتخلق وضعا سيئا جدا)، بينما ينظر الدكتور ادم من جهة اخرى ويقول (الحركات الخمس ليس لها دور كبير وليس لها ثقل) مؤكدا ان الثقل الحقيقي محصور في ثلاث حركات فخليل لديه الثقل العسكري وعبد الواحد بالثقل الشعبي والاخير لدى مناوي مشددا على ان الحركات الخمس اذا ذهبت الى الدوحة لن تكون ذات جدوى. من جهته يحدد سام الاتجاه الصحيح وهوان يأتي الجميع الى منبر واحد ، مضيفا (هذا ما يسعى اليه الجميع عدا العدل والمساواة التي تريد ان تأتي لوحدها وتتخذ ذرائع شتى لذلك).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق